الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب ما جاء في القيء والاكتحال

                                                                                                                                            1649 - ( عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من ذرعه القيء فليس عليه [ ص: 242 ] قضاء ، ومن استقاء عمدا فليقض } رواه الخمسة إلا النسائي ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث أخرجه أيضا ابن حبان والدارقطني والحاكم وله ألفاظ . قال النسائي : وقفه عطاء على أبي هريرة . وقال الترمذي : لا نعرفه إلا من حديث هشام عن محمد عن أبي هريرة تفرد به عيسى بن يونس . وقال البخاري : لا أراه محفوظا ، وقد روي من غير وجه ولا يصح إسناده . وقال أبو داود وبعض الحفاظ : لا نراه محفوظا . قال الحافظ : وأنكره أحمد وقال في روايته : ليس من ذا شيء ، يعني أنه غير محفوظ كما قال الخطابي . وصححه الحاكم على شرطهما .

                                                                                                                                            وفي الباب عن ابن عمر موقوفا عند مالك في الموطإ والشافعي بلفظ : { من استقاء وهو صائم فعليه القضاء ، ومن ذرعه القيء فليس عليه القضاء } .

                                                                                                                                            قوله : ( من ذرعه ) قال في التلخيص : هو بفتح الذال المعجمة : أي غلبه قوله : ( من استقاء عمدا ) أي استدعى القيء وطلب خروجه تعمدا . والحديث يدل على أنه لا يبطل صوم من غلبه القيء ولا يجب عليه القضاء ، ويبطل صوم من تعمد إخراجه ولم يغلبه ويجب عليه القضاء . وقد ذهب إلى هذا علي وابن عمر وزيد بن أرقم وزيد بن علي والشافعي والناصر والإمام يحيى حكى ذلك عنهم في البحر . وحكى ابن المنذر الإجماع على أن تعمد القيء يفسد الصيام . وقال ابن مسعود وعكرمة وربيعة والهادي والقاسم : إنه لا يفسد الصوم سواء كان غالبا أو مستخرجا ما لم يرجع منه شيء باختيار . واستدلوا بحديث أبي سعيد المتقدم في الباب الذي قبل هذا بلفظ : { ثلاث لا يفطرن : القيء ، والحجامة ، والاحتلام } وأجيب بأنه فيه المقال المتقدم فلا ينتهض معه للاستدلال .

                                                                                                                                            ولو سلم صلاحيته لذلك فهو محمول كما قال البيهقي على من ذرعه القيء وهذا لا بد منه ; لأن ظاهر حديث أبي سعيد أن القيء لا يفطر مطلقا ، وظاهر حديث أبي هريرة أنه يفطر نوع منه خاص ، فيبنى العام على الخاص ، ويؤيد حديث أبي هريرة ما أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن الجارود وابن حبان والدارقطني والبيهقي والطبراني وابن منده والحاكم ، ومن حديث أبي الدرداء : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر } قال معدان بن أبي طلحة الراوي له عن أبي الدرداء : " فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فقلت له : إن أبا الدرداء أخبرني ، فذكره ، فقال : صدق أنا صببت عليه وضوءه " قال ابن المنذر : إسناده صحيح متصل ، وتركه الشيخان لاختلاف في إسناده . قال الترمذي : جوده حسين المعلم وهو أصح شيء في هذا الباب . وكذلك قال أحمد : قال البيهقي : هذا حديث مختلف في إسناده ، فإن صح فهو محمول على القيء عامدا ، وكأنه كان صلى الله عليه وسلم صائما تطوعا ، وقال في موضع آخر إسناده مضطرب ولا تقوم به حجة .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية