الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب المحرم يتقلد بالسيف للحاجة .

                                                                                                                                            1888 - ( عن البراء قال : { اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة ، فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم لا يدخل مكة سلاحا إلا في القراب } ) .

                                                                                                                                            1889 - ( وعن ابن عمر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج معتمرا ، فحال كفار قريش بينه وبين البيت ، فنحر هديه ، وحلق رأسه بالحديبية وقاضاهم على أن يعتمر العام المقبل ولا يحمل سلاحا عليهم إلا سيوفا ، ولا يقيم إلا ما أحبوا فاعتمر من العام المقبل ، فدخلها كما كان صالحهم فلما أن أقام بها ثلاثة أيام أمروه أن يخرج فخرج } . رواهما أحمد والبخاري وهو دليل على أن للمحصر نحر هديه حيث أحصر ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            قوله : ( إلا في القراب ) بكسر القاف وهو وعاء يجعل فيه راكب البعير سيفه مغمدا ويطرح فيه الراكب سوطه وأداته ويعلقه في الرحل وإنما وقعت المقاضاة بينه صلى الله عليه وسلم وبينهم على أن يكون سلاح النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه في القرابات لوجهين ذكرهما أهل العلم الأول : أن لا يظهر منه حال دخوله دخول المغالبين القاهرين لهم . والثاني : أنها إذا عرضت فتنة أو غيرها يكون في الاستعداد للقتال بالسلاح صعوبة ، قاله أبو إسحاق السبيعي وفي الحديث دليل على جواز حمل السلاح بمكة للعذر والضرورة لكن بشرط أن يكون في القراب كما فعله صلى الله عليه وسلم فيخصص بهذين الحديثين عموم حديث جابر عند مسلم قال : قال صلى الله عليه وسلم : { لا يحل لأحدكم أن يحمل بمكة السلاح } فيكون هذا النهي فيما عدا من حمله للحاجة والضرورة وإلى هذا ذهب الجماهير من أهل العلم على حمل السلاح لغير ضرورة ولا حاجة فإن كانت حاجة جاز قال : وهذا مذهب الشافعي ومالك وعطاء قال : وكرهه الحسن البصري تمسكا بهذا الحديث يعني : حديث النهي .

                                                                                                                                            قال : وشذ عكرمة فقال : إذا احتاج إليه حمله وعليه الفدية ولعله أراد إذا كان محرما ولبس المغفر أو الدرع ونحوهما فلا يكون مخالفا للجماعة انتهى والحق ما ذهب إليه الجمهور ; لأن فيه الجمع بين الأحاديث ، وهكذا يخصص بحديثي الباب عموم قول ابن عمر المتقدم في كتاب العيد : وأدخلت السلاح [ ص: 14 ] الحرم ولم يكن يدخل السلاح الحرم فيكون مراده لم يكن السلاح يدخل الحرم لغير حاجة إلا للحاجة فإنه قد دخل به صلى الله عليه وسلم غير مرة كما في دخوله يوم الفتح هو وأصحابه ودخوله صلى الله عليه وسلم للعمرة كما في حديثي الباب اللذين أحدهما من رواية ابن عمر .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية