الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            1904 - ( وعن عمر وعلي وأبي هريرة أنهم سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج ، فقالوا : ينفذان لوجههما حتى يقضيا حجهما ، ثم عليهما حج قابل والهدي ، قال علي : فإذا أهلا بالحج عن عام قابل تفرقا حتى يقضيا حجهما )

                                                                                                                                            1905 - ( وعن ابن عباس أنه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنة ، والجميع لمالك في الموطإ ) أثر عمر وعلي وأبي هريرة هو في الموطأ كما قال المصنف ولكنه ذكره بلاغا عنهم وأسنده البيهقي من حديث عطاء عن عمر وفيه إرسال ورواه سعيد بن منصور عن مجاهد عن [ ص: 21 ] عمر وهو منقطع وأخرجه ابن أبي شيبة أيضا عنه .

                                                                                                                                            وعن علي وهو منقطع أيضا بين الحكم وبينه وأثر ابن عباس رواه البيهقي من طريق أبي بشر عن رجل من بني عبد الدار عنه وفيه أن أبا بشر قال : لقيت سعيد بن جبير فذكرت ذلك له فقال : هكذا كان ابن عباس يقول وفي الباب عن ابن عمر عند أحمد أنه سئل عن رجل وامرأة حاجين وقع عليها قبل الإفاضة فقال : ليحجا قابلا وعن ابن عمرو بن العاص عند الدارقطني والحاكم والبيهقي نحو قول ابن عمر وقد روي نحو هذه الآثار مرفوعا عند أبي داود في المراسيل من طريق يزيد بن نعيم { أن رجلا من جذام جامع امرأته وهما محرمان فسألا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : اقضيا نسكا واهديا هديا } قال الحافظ : رجاله ثقات مع إرساله ورواه ابن وهب في موطئه من طريق سعيد بن المسيب مرسلا وأثر علي المذكور في الباب في التفرق . أخرج نحوه البيهقي عن ابن عباس موقوفا وروى ابن وهب في موطئه عن سعيد بن المسيب مرفوعا مرسلا نحوه وفيه ابن لهيعة وهو عند أبي داود في المراسيل بسند معضل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            قوله : ( حتى يقضيا حجهما ) استدل به من قال إنه يجب المضي في فاسد الحج وهم الأكثر . وقال داود : لا يجب كالصلاة قوله : ( ثم عليهما حج قابل ) استدل به من قال إنه يجب قضاء الحج الذي فسد وهم الجمهور .

                                                                                                                                            قوله : ( والهدي ) تمسك به من قال إن كفارة الوطء شاة ; لأنها أقل ما يصدق عليه الهدي وهو مروي عن أبي حنيفة والناصر ويدل على ما قالاه قوله صلى الله عليه وسلم واهديا هديا كما في مرسل أبي داود المذكور ، وذهب الجمهور إلى أنها تجب بدنة على الزوج وبدنة على الزوجة وتجب بدنة الزوجة على الزوج إذا كانت مكرهة لا مطاوعة ، وقال أبو حنيفة ومحمد : على الزوج مطلقا ، وقال الشافعي في أحد قوليه : عليهما هدي واحد لظاهر الخبر والأثر وقال الإمام يحيى : بدنة المرأة عليها إذ لم يفصل الدليل قوله : ( تفرقا حتى يقضيا حجهما ) فيه دليل على مشروعية التفرق وقد حكى ذلك في البحر عن علي وابن عباس وعثمان والعترة وأكثر الفقهاء واختلفوا هل هو واجب أم لا ؟ فذهب أكثر العترة وعطاء ومالك والشافعي في أحد قوليه إلى الوجوب وذهب الإمام يحيى والشافعي في أحد قوليه إلى الندب .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : لا يجب ولا يندب واعلم أنه ليس في الباب من المرفوع ما تقوم به الحجة والموقوف ليس بحجة فمن لم يقبل المرسل ولا رأى حجية أقوال الصحابة فهو في سعة عن التزام هذه الأحكام وله في ذلك سلف صالح كداود الظاهري .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية