الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            1998 - ( وعن أسامة بن زيد قال : { كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات ، فرفع يديه يدعو ، فمالت به ناقته فسقط خطامها ، فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى . } رواه النسائي ) .

                                                                                                                                            1999 - ( وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : { كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير . } رواه أحمد والترمذي ، ولفظه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير . } )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث أسامة إسناده في سنن النسائي هكذا : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم عن هشيم حدثنا عبد الملك عن عطاء قال : قال أسامة : فذكره وهؤلاء كلهم رجال الصحيح وعبد الملك هو ابن عبد العزيز المعروف بابن جريج .

                                                                                                                                            وحديث عمرو بن شعيب في إسناده حماد بن أبي حميد وهو ضعيف ، وفي الباب عن ابن عمر بنحوه عند العقيلي في الضعفاء ، وفي إسناده فرج بن فضالة وهو ضعيف وقال البخاري : منكر الحديث وعن علي عليه السلام عند الطبراني في المناسك بنحوه وفي إسناده قيس بن الربيع ، وأخرجه البيهقي عنه بزيادة { اللهم اجعل في قلبي نورا ، وفي بصري نورا ، اللهم اشرح لي صدري ، ويسر لي أمري } وفي إسناده موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف ، وتفرد به عن أخيه عبد الله عن علي عليه السلام قال البيهقي : ولم يدرك عبد الله عليا وعن طلحة بن عبد الله بن كريز بفتح الكاف وآخره زاي عند مالك في الموطأ مرسلا ورواه البيهقي عن مالك موصولا وضعفه ، وكذا ابن عبد البر في التمهيد

                                                                                                                                            قوله : ( فرفع يديه ) فيه دليل على أن عرفة من المواطن التي يشرع فيها رفع اليدين عند الدعاء فيخصص به عموم حديث أنس المتقدم في صلاة الاستسقاء قوله : وهو رافع يده الأخرى فيه دليل على أن رفع إحدى اليدين عند الدعاء إذا منع من رفع الأخرى عذر لا بأس به قوله : ( دعاء يوم عرفة ) [ ص: 74 ] رجح المزي جر دعاء ليكون قوله : لا إله إلا الله خبرا لخير الدعاء ولخبر ما قلت أنا والنبيون ويؤيده ما وقع في الموطإ من حديث طلحة بلفظ : { أفضل الدعاء يوم عرفة ، وأفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله } وما وقع عند العقيلي من حديث ابن عمر بلفظ : { أفضل دعائي ودعاء الأنبياء قبلي عشية عرفة لا إله إلا الله } وأحاديث الباب تدل على مشروعية الاستكثار من هذا الدعاء يوم عرفة وأنه خير ما يقال في ذلك اليوم

                                                                                                                                            2000 - ( وعن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر جاء إلى الحجاج بن يوسف يوم عرفة حين زالت الشمس وأنا معه ، فقال : الرواح إن كنت تريد السنة ، فقال : هذه الساعة ؟ قال : نعم قال سالم : فقلت للحجاج : إن كنت تريد تصيب السنة فاقصر الخطبة وعجل الصلاة ، فقال عبد الله بن عمر : صدق رواه البخاري والنسائي ) .

                                                                                                                                            2001 - ( وعن جابر قال : { راح النبي صلى الله عليه وسلم إلى الموقف بعرفة فخطب الناس الخطبة الأولى ، ثم أذن بلال ، ثم أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة الثانية ، ففرغ من الخطبة وبلال من الأذان ، ثم أقام بلال فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر . } رواه الشافعي ) حديث جابر أخرجه أيضا البيهقي وقال : تفرد به إبراهيم بن أبي يحيى وفي حديث جابر الطويل الذي أخرجه مسلم ما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم خطب ثم أذن بلال ليس فيه ذكر أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة الثانية وهو أصح ، ويترجح بأمر معقول هو أن المؤذن قد أمر بالإنصات للخطبة فكيف يؤذن ولا يستمع الخطبة قال المحب الطبري : وذكر الملا في سيرته أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فرغ من خطبته أذن بلال وسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ بلال من الأذان تكلم بكلمات ثم أناخ راحلته وأقام بلال الصلاة وهذا أولى مما ذكره الشافعي إذ لا يفوت به سماع الخطبة من المؤذن

                                                                                                                                            قوله : ( فاقصر الخطبة ) . . . إلخ قال ابن عبد البر : هذا الحديث يدخل عندهم في المسند ; لأن المراد بالسنة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أطلقت ما لم تضف إلى صاحبها كسنة العمرين انتهى . والكلام على ذلك مستوفى في الأصول وقد تقدم حديث ابن عمر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يروح عند صلاة الظهر } وقدمنا أن ظاهره يخالف حديث جابر الطويل عند مسلم أن توجهه صلى الله عليه وسلم من نمرة كان حين زاغت الشمس والمصنف رحمه الله تعالىاختصر هذه القصة الواقعة بين ابن عمر [ ص: 75 ] والحجاج وهي في البخاري أطول من هذا المقدار وكذلك في سنن النسائي .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية