الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب النهي عن بيع ما لا يملكه ليمضي فيشتريه ويسلمه 2184 - ( عن حكيم بن حزام قال : { قلت يا رسول الله يأتيني الرجل فيسألني عن البيع ليس عندي ما أبيعه منه ، ثم أبتاعه من السوق فقال لا تبع ما ليس عندك . } رواه الخمسة ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث أخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه ، وقال الترمذي : حسن صحيح ، وقد روي من غير وجه عن حكيم انتهى ، وفي بعض طرقه عبد الله بن عصمة ، زعم عبد الحق أنه ضعيف جدا ، ولم يتعقبه ابن القطان ، بل نقل عن ابن حزم أنه مجهول . قال الحافظ : وهو جرح مردود ، فقد روى عنه ذلك ثلاثة ، كما في التلخيص ، وقد احتج به النسائي .

                                                                                                                                            وفي الباب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند أبي داود والترمذي - وصححه - والنسائي وابن ماجه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا يحل سلف وبيع ، ولا شرطان في بيع ، ولا ربح ما لم يضمن ، ولا بيع ما ليس عندك }

                                                                                                                                            قوله : ( ما ليس عندك ) أي : ما ليس في ملكك وقدرتك ، والظاهر أنه يصدق على العبد المغصوب الذي لا يقدر على انتزاعه ممن هو في يده ، وعلى الآبق الذي لا يعرف مكانه ، والطير المنفلت الذي لا يعتاد رجوعه .

                                                                                                                                            ويدل على ذلك معنى " عند " لغة . قال الرضي : إنها تستعمل في الحاضر القريب وما هو في حوزتك وإن كان بعيدا انتهى ، فيخرج عن هذا ما كان غائبا خارجا عن الملك أو داخلا فيه خارجا عن الحوزة ، وظاهره أنه يقال ما كان حاضرا وإن كان خارجا عن الملك . فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم لا تبع ما ليس عندك أي : ما ليس حاضرا عندك ولا غائبا في ملكك وتحت حوزتك . قال البغوي : النهي في هذا الحديث عن بيوع الأعيان التي لا يملكها . أما بيع موصوف في ذمته فيجوز فيه السلم بشروطه ، فلو باع شيئا موصوفا في ذمته عام الوجود عند المحل المشروط في البيع جاز ، وإن لم يكن المبيع موجودا في ملكه حالة العقد .

                                                                                                                                            قال : وفي معنى بيع ما ليس عنده في الفساد بيع الطير المنفلت الذي لا يعتاد رجوعه إلى محله ، فإن اعتاد الطائر أن يعود ليلا لم يصح عند الأكثر إلا النحل فإن الأصح فيه الصحة كما قاله النووي في زيادات الروضة ، وظاهر النهي تحريم [ ص: 185 ] ما لم يكن في ملك الإنسان ولا داخلا تحت مقدرته ، وقد استثني من ذلك السلم فتكون أدلة جوازه مخصصة لهذا العموم ، وكذلك إذا كان المبيع في ذمة المشتري إذ هو كالحاضر المقبوض .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية