الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب الغسل للإحرام وللوقوف بعرفة ودخول مكة

                                                                                                                                            320 - ( عن زيد بن ثابت أنه { رأى النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل } . رواه الترمذي ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث أخرجه الدارقطني والبيهقي والطبراني من حديث زيد بن ثابت وحسنه الترمذي وضعفه العقيلي . ولعل الضعف لأن في رجال إسناده عبد الله بن يعقوب المدني ، قال ابن الملقن في شرح المنهاج جوابا على من أنكر على الترمذي تحسين الحديث : لعله إنما حسنه لأنه عرف عبد الله بن يعقوب الذي في إسناده أي عرف . والحديث يدل على استحباب الغسل عند الإحرام [ ص: 300 ] وإلى ذلك ذهب الأكثر .

                                                                                                                                            وقال الناصر : إنه واجب . وقال الحسن البصري ومالك : محتمل ، وأخرج الحاكم والبيهقي من طريق يعقوب بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس قال : { اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لبس ثيابه ، فلما أتى ذا الحليفة صلى ركعتين ثم قعد على بعيره فلما استوى على البيداء أحرم بالحج } ويعقوب ضعيف قاله الحافظ .

                                                                                                                                            321 - ( وعن عائشة رضي الله عنها قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرم غسل رأسه بخطمي وأشنان ودهنه بشيء من زيت غير كثير } . رواه أحمد ) . الحديث قال في مجمع الزوائد : أخرجه البزار والطبراني في الأوسط وإسناد البزار حسن .

                                                                                                                                            قوله : ( بخطمي ) نبات ، قال في القاموس : الخطمي ويفتح نبات محلل مفتح لين نافع لعسر البول وذكر له فوائد ومنافع .

                                                                                                                                            قوله : ( وأشنان ) هو بالضم والكسر للهمزة قاله في القاموس وهو نبات . والحديث يدل على استحباب تنظيف الرأس بالغسل ودهنه عند الإحرام وسيأتي الكلام على ذلك في الحج وليس فيه الغسل لجميع البدن الذي بوب المصنف له .

                                                                                                                                            322 - ( وعن عائشة قالت : { نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يأمرها أن تغتسل وتهل } . رواه مسلم وابن ماجه وأبو داود ) . الحديث أخرجه مالك في الموطإ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه { عن أسماء أنها ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : مرها فلتغتسل ثم لتهل } قال الحافظ : وهذا مرسل . وقال الدارقطني بعد أن ساق حديث عائشة الذي ذكره المصنف في العلل : الصحيح قول مالك ومن وافقه يعني مرسلا . وأخرجه النسائي من حديث القاسم بن محمد عن أبيه عن أبي بكر قال الحافظ : وهو مرسل أيضا لأن محمدا لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ولا من أبيه ، نعم يمكن أن يكون سمع ذلك من أمه لكن قد قيل : إن القاسم أيضا لم يسمع من أمه ، وقد أخرجه مسلم من حديث جابر الطويل بلفظ { فخرجنا حتى أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع قال : اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي } الحديث .

                                                                                                                                            قوله : ( نفست ) بضم النون وكسر الفاء : الولادة ، وأما بفتح النون فالحيض وليس [ ص: 301 ] بمراد هنا . الحديث يدل على مشروعية الغسل لمن أراد الإهلال بالحج ولكنه يحتمل أن يكون لقذر النفاس فلا يصلح للاستدلال به على مشروعية مطلق الغسل .

                                                                                                                                            323 - ( وعن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا كرم الله وجهه كان يغتسل يوم العيدين ، ويوم الجمعة ، ويوم عرفة ، وإذا أراد أن يحرم . رواه الشافعي ) .

                                                                                                                                            324 - ( { وعن ابن عمر أنه كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى حتى يصبح ويغتسل ثم يدخل مكة نهارا ، ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله } . أخرجه مسلم ، وللبخاري معناه ولمالك في الموطإ عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم ولدخول مكة ولوقوفه عشية عرفة ) . لفظ البخاري ( أنه كان إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية ثم يبيت بذي طوى ثم يصلي الصبح ويغتسل ) . ويحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ، وأخرجه أيضا أبو داود والنسائي الحديث يدل على استحباب الاغتسال لدخول مكة ، قال في الفتح : قال ابن المنذر : الاغتسال عند دخول مكة مستحب عند جميع العلماء وليس في تركه عندهم فدية . وقال أكثرهم : يجزي عنه الوضوء .

                                                                                                                                            وفي الموطإ أن ابن عمر كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من احتلام ، وظاهره أن غسله لدخول مكة كان لجسده دون رأسه .

                                                                                                                                            وقال الشافعية : إن عجز عن الغسل تيمم . وقال ابن التين : لم يذكر أصحابنا الغسل لدخول مكة وإنما ذكروه للطواف ، والغسل لدخول مكة هو في الحقيقة للطواف . قوله : ( بذي طوى ) بضم الطاء وفتحها .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية