الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب تنزيه قبلة المسجد عما يلهي المصلي

                                                                                                                                            650 - ( عن أنس قال : كان قرام لعائشة قد سترت به جانب بيتها ، فقال لها [ ص: 191 ] النبي صلى الله عليه وسلم : { أميطي عني قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي } . رواه أحمد والبخاري ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            قوله : ( قرام ) بكسر القاف وتخفيف الراء : ستر رقيق من صوف ذو ألوان كما تقدم . قوله : ( أميطي ) أي أزيلي وزنا ومعنى . قوله : ( لا تزال تصاويره ) في رواية للبخاري " لا تزال تصاوير " بحذف الضمير . قال الحافظ : كذا في روايتنا ، وللباقين بإثبات الضمير . قال : والهاء على روايتنا في فإنه ضمير الشأن ، وعلى الأخرى يحتمل أن يعود على الثوب . قوله : ( تعرض ) بفتح أوله وكسر الراء : أي تلوح ، وللإسماعيلي تعرض بفتح العين وتشديد الراء ، وأصله تتعرض

                                                                                                                                            والحديث يدل على كراهة الصلاة في الأمكنة التي فيها تصاوير ، وقد تقدم كراهة زخرفة المساجد ، والتصاوير نوع من ذلك ، وقد تقدم أيضا الكلام على الثياب التي فيها تصاوير . ودل الحديث أيضا على أن الصلاة لا تفسد بذلك ، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقطعها ولم يعدها .

                                                                                                                                            651 - ( وعن عثمان بن طلحة { أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بعد دخوله الكعبة ، فقال : إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت البيت فنسيت أن آمرك أن تخمرهما فخمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في قبلة البيت شيء يلهي المصلي } . رواه أحمد وأبو داود ) . الحديث أخرجه أبو داود من طريق منصور الحجبي ، قال : حدثني خالي عن أمي قالت : سمعت { الأسلمية تقول : قلت لعثمان : ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعاك ؟ قال : إني نسيت أن آمرك أن تخمر القرنين فإنه ليس ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي }

                                                                                                                                            وخال صفوان المذكور في الإسناد قال ابن السراج : هو مسافع بن شيبة ، وأم منصور المذكورة هي صفية بنت شيبة القرشية العبدرية ، وقد جاءت مسماة في بعض طرق هذا الحديث ، واختلف في صحبتها ، وقد جاءت أحاديث ظاهرة في صحبتها . وعثمان بن طلحة المذكور هو القرشي العبدري الحجبي بفتح الحاء المهملة وبعدها جيم مفتوحة وباء موحدة منسوب إلى حجابة بيت الله الحرام شرفه الله تعالى ، وهم جماعة من بني عبد الدار وإليهم حجابة الكعبة . وقد اختلف في هذا الحديث ، فروي عن منصور عن خاله مسافع عن صفية بنت شيبة عن امرأة من بني سليم عن عثمان ، وروي عنه عن خاله عن امرأة من بني سليم ولم يذكر أمه والأسلمية المذكورة لم أقف على اسمها . والحديث يدل على كراهة تزيين المحاريب وغيرها مما يستقبله المصلي بنقش أو تصوير أو غيرهما مما [ ص: 192 ] يلهي ، وعلى أن تخمير التصاوير مزيل لكراهة الصلاة في المكان الذي هي فيه لارتفاع العلة ، وهي اشتغال قلب المصلي بالنظر إليها وقد أسلفنا الكلام في التصاوير وفي كراهية زخرفة المساجد

                                                                                                                                            قوله : ( قرني الكبش ) أي كبش إبراهيم الذي فدى به إسماعيل .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية