الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب هيئات الركوع [ ص: 282 ] عن { أبي مسعود عقبة بن عمرو أنه ركع فجافى يديه ووضع يديه على ركبتيه وفرج بين أصابعه من وراء ركبتيه ، وقال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي } . رواه أحمد وأبو داود والنسائي ) .

                                                                                                                                            731 - ( وفي حديث رفاعة بن رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم : { وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك } . رواه أبو داود ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث الأول طرف من حديث أبي مسعود . والثاني طرف من حديث رفاعة بن رافع في وصف تعليمه صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته وكلاهما لا مطعن فيه ، فإن جميع رجال إسنادهما ثقات . قوله : ( فجافى يديه ) أي باعدهما عن جنبيه وهو من الجفاء وهو البعد عن الشيء . قوله : ( وفرج بين أصابعه ) أي فرق بينها جاعلا لها وراء ركبته . قوله : ( فضع راحتيك ) تثنية راحة وهي الكف ، جمعها راح بغير تاء . قوله : ( على ركبتيك ) وفيه رد على أهل التطبيق ، وسيأتي البحث في ذلك قريبا . والحديثان يدلان على مشروعية ما اشتملا عليه من هيئات الركوع ، ولا خلاف في شيء منها بين أهل العلم إلا القائلين بمشروعية التطبيق

                                                                                                                                            732 - ( وعن { مصعب بن سعد قال : صليت إلى جنب أبي فطبقت بين كفي ثم وضعتهما بين فخذي فنهاني عن ذلك وقال : كنا نفعل هذا وأمرنا أن نضع أيدينا على الركب } . رواه الجماعة ) . وفي الباب عن عمر عند النسائي والترمذي وصححه . وعن أنس أشار إليه الترمذي أيضا . وعن أبي حميد الساعدي وأبي أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة إلى تمام عشرة من الصحابة عند الخمسة وقد تقدم . وعن عائشة عند ابن ماجه . قوله : ( مصعب بن سعد ) يعني ابن أبي وقاص . قوله : ( فطبقت ) التطبيق : الإلصاق بين باطني الكفين حال الركوع وجعلهما بين الفخذين . قوله : ( كنا نفعل هذا فأمرنا ) لفظ البخاري والترمذي وغيرهما : " كنا نفعله فنهينا عنه وأمرنا . . . إلخ " فيه دليل على نسخ التطبيق ، لأن هذه الصيغة حكمها الرفع

                                                                                                                                            قال الترمذي : التطبيق منسوخ عند أهل العلم وقال : لا [ ص: 283 ] اختلاف بينهم في ذلك إلا ما روي عن ابن مسعود وبعض أصحابه أنهم كانوا يطبقون انتهى ، وقد روى النووي عن علقمة والأسود أنهما يقولون بمشروعية التطبيق . وأخرج مسلم عن علقمة والأسود أنهما " دخلا على عبد الله فذكر الحديث ، قال : فوضعنا أيدينا على ركبنا فضرب بين أيدينا ثم طبق يديه ثم جعلها بين فخذيه ، فلما صلى قال هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

                                                                                                                                            وروى ابن خزيمة عن ابن مسعود أنه قال : { إن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يركع طبق يديه بين ركبتيه فركع ، فبلغ ذلك سعدا فقال : صدق أخي كنا نفعل ذلك ثم أمرنا بهذا } . يعني الإمساك بالركب ; وقد اعتذر عن ابن مسعود وصاحبيه بأن الناسخ لم يبلغهم

                                                                                                                                            وقد روى ابن المنذر عن ابن عمر أنه قال : إنما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مرة : يعني التطبيق ، قال الحافظ : وإسناده قوي . واستدل ابن خزيمة بقوله نهينا على أن التطبيق غير جائز ، قال الحافظ : وفيه نظر لاحتمال حمل النهي على الكراهة ، فقد روى ابن أبي شيبة من طريق عاصم بن ضمرة عن علي قال : " إذا ركعت فإن شئت قلت هكذا : يعني وضعت يديك على ركبتيك ، وإن شئت طبقت " وإسناده حسن وهو ظاهر في أنه كان يرى التخيير أو لم يبلغه الناسخ ، والظاهر ما قاله ابن خزيمة لأن المعنى الحقيقي للنهي على ما هو الحق التحريم ، وقول الصحابي لا يصلح قرينة لصرفه إلى المجاز .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية