الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 379 ] باب الفتح في القراءة على الإمام وغيره

                                                                                                                                            834 - ( عن مسور بن يزيد المالكي قال : { صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فترك آية فقال له رجل : يا رسول الله آية كذا وكذا ، قال : فهلا ذكرتنيها } . رواه أبو داود وعبد الله بن أحمد في مسند أبيه ) .

                                                                                                                                            835 - ( وعن ابن عمر { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه ، فلما انصرف قال لأبي : أصليت معنا ؟ قال : نعم ، قال : فما منعك } . رواه أبو داود )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث الأول أخرجه أيضا ابن حبان والأثرم ، وفي إسناده يحيى بن كثير الكاهلي ، قال أبو حاتم لما سئل عنه : شيخ . والمسور بضم الميم وفتح السين المهملة وتشديد الواو وفتحها ، كذا قيده الدارقطني وابن ماكولا والمنذري . قال الخطيب : يروى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد .

                                                                                                                                            والحديث الثاني أخرجه الحاكم وابن حبان ورجال إسناده ثقات . وفي الباب عن أنس عند الحاكم بلفظ : { كنا نفتح على الأئمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم } قال الحافظ : وقد صح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : " قال علي : إذا استطعمك الإمام فأطعمه "

                                                                                                                                            قوله : ( آية كذا وكذا ) رواية ابن حبان : " يا رسول الله إنك تركت آية كذا وكذا " . قوله : ( فهلا ذكرتنيها ) زاد ابن حبان فقال : ظننت أنها قد نسخت ، وقال : فإنها لم تنسخ . قوله : ( فلبس ) ضبطه ابن رسلان بفتح اللام والباء الموحدة المخففة : أي التبس واختلط عليه قال : ومنه قوله تعالى: { وللبسنا عليهم ما يلبسون } قال : وفي بعض النسخ بضم اللام وتشديد الموحدة المكسورة

                                                                                                                                            قال المنذري : لبس بالتخفيف أي مع ضم اللام وكسر الموحدة . قوله : ( فلما انصرف ) ولفظ ابن حبان : { فالتبس عليه فلما فرغ قال لأبي : أشهدت معنا ؟ قال : نعم قال : فما منعك أن تفتحها علي ؟ } والحديثان يدلان على مشروعية الفتح على الإمام وقد ذهبت العترة والفريقان إلى أنه مندوب

                                                                                                                                            وذهب المنصور بالله إلى وجوبه وقال زيد بن علي وأبو حنيفة في رواية عنه أنه يكره . وقال أحمد بن حنبل : أنه يكره أن يفتح من هو في الصلاة على من هو في صلاة أخرى أو على من ليس في صلاة . واحتج من قال بالكراهة بما أخرجه أبو داود عن ابن إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا علي { لا تفتح على الإمام في الصلاة } .

                                                                                                                                            قال أبو داود : أبو إسحاق السبيعي لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث ليس هذا منها قال المنذري : والحارث الأعور قال غير واحد من الأئمة أنه كذاب ، وقد روى حديث الحارث عن علي مرفوعا عبد الرزاق في مصنفه بلفظ : [ ص: 380 ] { لا تفتحن على الإمام وأنت في الصلاة } وهذا الحديث لا ينتهض لمعارضة الأحاديث القاضية بمشروعية الفتح ، وتقييد الفتح بأن يكون على إمام لم يؤد الواجب من القراءة وبآخر ركعة مما لا دليل عليه ، وكذا تقييده بأن يكون في القراءة الجهرية

                                                                                                                                            والأدلة قد دلت على مشروعية الفتح مطلقا ، فعند نسيان الإمام الآية في القراءة الجهرية يكون الفتح عليه بتذكيره تلك الآية كما في حديث الباب ، وعند نسيانه لغيرها من الأركان يكون الفتح بالتسبيح للرجال والتصفيق للنساء كما تقدم في الباب الأول




                                                                                                                                            الخدمات العلمية