الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 117 ] وعن ابن مسعود : { النبي قرأ والنجم فسجد فيها وسجد من كان معه غير أن شيخا من قريش أخذ كفا من حصى أو تراب فرفعه إلى جبهته وقال : يكفيني هذا ، قال عبد الله فلقد رأيته بعد قتل كافرا } . متفق عليه ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            قوله ( غير أن شيخا من قريش ) صرح البخاري في التفسير من صحيحه أنه أمية بن خلف . ووقع في سيرة ابن إسحاق أنه الوليد بن المغيرة . قال الحافظ : وفيه نظر لأنه لم يقتل .

                                                                                                                                            وفي تفسير سنيد الوليد بن المغيرة . أو عقبة بن ربيعة بالشك ، وفيه نظر لما أخرجه الطبراني من حديث مخرمة بن نوفل قال { : لما أظهر النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام أسلم أهل مكة حتى إن كان ليقرأ السجدة فيسجدون فلا يقدر بعضهم أن يسجد من الزحام حتى قدم رؤساء قريش : ابن المغيرة وأبو جهل وغيرهما وكانوا بالطائف ، فرجعوا وقالوا : تدعون دين آبائكم } ولكن في هذا نظر لقول أبي سفيان في حديثه الطويل الثابت في الصحيح إنه لم يرتد أحد ممن أسلم .

                                                                                                                                            قال في الفتح : ويمكن الجمع بأن النفي مقيد بمن ارتد سخطا لدينه لا لسبب مراعاة خاطر رؤسائه . وروى الطبراني عن سعيد بن جبير أن الذي رفع التراب فسجد عليه سعيد بن العاص بن أمية . وذكر أبو حيان في تفسيره أنه أبو لهب .

                                                                                                                                            وفي مصنف ابن أبي شيبة عن أبي هريرة أنهم سجدوا في النجم إلا رجلين من قريش بذلك الشهرة وللنسائي من حديث المطلب بن أبي وداعة قال : { قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم النجم فسجد وسجد من معه . ، فرفعت رأسي وأبيت أن أسجد ، ولم يكن المطلب يومئذ أسلم } وإذا ثبت ذلك فلعل ابن مسعود لم يره أو خصه وحده بذكره لاختصاصه بأخذ الكف من التراب دون غيره . والحديث فيه مشروعية السجود لمن حضر عند القارئ للآية التي فيها السجدة .

                                                                                                                                            قال القاضي عياض : وكان سبب سجودهم فيما قال ابن مسعود : إنها أول سجدة نزلت وأما ما يرويه الإخباريون والمفسرون : أن سبب ذلكما جرى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثناء على آلهة المشركين في سورة ( النجم ) فباطل لا يصح فيه شيء لا من جهة العقل ولا من جهة النقل ، لأن إله غير الله كفر ، ولا يصح نسبة ذلك إلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أن يقوله الشيطان على لسانه ، ولا يصح تسلط الشيطان على ذلك ، كذا في شرح مسلم للنووي .

                                                                                                                                            998 - ( وعن ابن عباس : { أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس } . رواه البخاري والترمذي وصححه ) [ ص: 118 ]

                                                                                                                                            999 - ( أبي هريرة قال { : سجدنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في { إذا السماء انشقت } ، و { اقرأ باسم ربك } } . رواه الجماعة إلا البخاري ) . قوله : ( سجد بالنجم ) زاد الطبراني في الأوسط : " من هذا الوجه بمكة " قال ابن حجر : فأفاد اتحاد قصة ابن عباس وابن مسعود قوله : ( والجن ) كأن مستند ابن عباس في ذلك إخبار النبي صلى الله عليه وسلم إما مشافهة له وإما بواسطة لأنه لم يحضر القصة لصغره ، وأيضا فهو من الأمور التي لا يطلع عليها إلا بتوقيف . وتجويز أنه كشف له عن ذلك بعيد ، لم يحضرها قطعا قاله ابن حجر : قوله : في إذا السماء انشقت ، واقرأ باسم ربك فيه دليل على إثبات السجود في المفصل ، وقد تقدم الخلاف في ذلك : والحديثان يدلان على مشروعية سجود التلاوة ، وقد تقدم أنه مجمع عليه . .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية