الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 125 ] وعن عائشة قالت { : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في سجود القرآن بالليل سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره ، بحوله وقوته } رواه الخمسة إلا ابن ماجه وصححه الترمذي ) .

                                                                                                                                            1012 - ( وعن ابن عباس قال { : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فقال : إني رأيت البارحة فيما يرى النائم كأني أصلي إلى أصل شجرة ، فقرأت السجدة ، فسجدت الشجرة لسجودي ، فسمعتها تقول : اللهم احطط عني بها وزرا ، واكتب لي بها أجرا واجعلها لي عندك ذخرا . قال ابن عباس : فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ السجدة فسجد . فسمعته يقول في سجوده مثل الذي أخبره الرجل عن قول الشجرة } رواه ماجه والترمذي وزاد فيه : { وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود عليه السلام } ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث الأول أخرجه أيضا الدارقطني والحاكم والبيهقي وصححه ابن السكن وقال في آخره " ثلاثا " وزاد الحاكم : " فتبارك الله أحسن الخالقين " وزاد البيهقي " وصوره " بعد قوله : " خلقه " . ولمسلم نحوه من حديث علي في سجود الصلاة وقد تقدم . وللنسائي أيضا نحوه من حديث جابر في سجود الصلاة أيضا .

                                                                                                                                            . والحديث الثاني أخرجه أيضا الحاكم وابن حبان ، وفي إسناده الحسن بن محمد بن عبيد الله ابن أبي يزيد . قال العقيلي : فيه جهالة .

                                                                                                                                            وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند البيهقي . واختلف في وصله وإرساله ، وصوب الدارقطني في العلل رواية حماد عن حميد عن بكر أن أبا سعيد رأى فيما يرى النائم ، وذكر الحديث ، والحديثان يدلان على مشروعية الذكر في سجود التلاوة بما اشتملا عليه .

                                                                                                                                            ( فائدة ) : ليس في أحاديث سجود التلاوة ما يدل على اعتبار أن يكون الساجد متوضئا وقد كان يسجد معه صلى الله عليه وسلم من حضر تلاوته ، ولم ينقل أنه أمر أحدا منهم بالوضوء ، ويبعد أن يكونوا جميعا متوضئين . وأيضا قد كان يسجد معه المشركون كما تقدم وهم أنجاس لا يصح وضوؤهم .

                                                                                                                                            وقد روى البخاري عن عمر أنه كان يسجد على غير وضوء . وكذلك روى عنه ابن أبي شيبة . وأما ما رواه البيهقي عنه بإسناد قال في الفتح : صحيح أنه قال : " لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر " ، فيجمع بينهما بما قال ابن حجر من حمله على الطهارة الكبرى أو على حالة الاختيار ، والأول على الضرورة ، وهكذا ليس في [ ص: 126 ] الأحاديث ما يدل على اعتبار طهارة الثياب والمكان وأما ستر العورة والاستقبال مع الإمكان فقيل : إنه معتبر اتفاقا .

                                                                                                                                            قال في الفتح : لم يوافق عمر أحد على جواز السجود بلا وضوء إلا الشعبي ، أخرجه ابن أبي شيبة عنه بسند صحيح . وأخرج أيضا عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه كان يقرأ بالسجدة ثم يسجد وهو على غير وضوء إلى غير القبلة ، وهو يمشي يومئ إيماء ، ومن الموافقين لابن عمر من أهل البيت أبو طالب والمنصور بالله ( فائدة أخرى ) : روي عن بعض الصحابة أنه يكره سجود التلاوة الأوقات المكروهة .

                                                                                                                                            والظاهر عدم الكراهة ، لأن المذكور ليس بصلاة ، والأحاديث الواردة في النهي مختصة بالصلاة .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية