الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            92 - ( وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { اتقوا اللاعنين ، قالوا : وما اللاعنان يا رسول الله ؟ قال : الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم } . رواه أحمد ومسلم وأبو داود ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            وفي لفظ مسلم ( اتقوا اللعانين ) قالوا : وما اللعانان الحديث ، قال الخطابي : المراد باللاعنين الأمران الجالبان للعن الحاملان الناس عليه والداعيان إليه ، وذلك أن من فعلهما لعن وشتم يعني عادة الناس لعنه فلما صارا سببا أسند اللعن إليهما على طريق المجاز العقلي ، قال : وقد يكون اللاعن بمعنى الملعون أي الملعون فاعلهما فهو كذلك من المجاز العقلي . وقوله : الذي يتخلى في طريق الناس على حذف مضاف وتقديره تخلى الذي يتخلى .

                                                                                                                                            قوله : ( أو في ظلهم ) المراد بالظل هنا على ما قاله الخطابي وغيره مستظل الناس الذي يتخذونه مقيلا ومنزلا ينزلونه ويعقدون فيه وليس كل ظل يحرم قضاء الحاجة فيه فقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم حاجته في حايش النخل كما سلف وله ظل بلا شك .

                                                                                                                                            والحديث يدل على تحريم التخلي في طرق الناس وظلهم لما فيه من أذية المسلمين بتنجيس من يمر به ونتنه واستقذاره .

                                                                                                                                            93 - ( وعن أبي سعيد الحميري عن معاذ بن جبل رضي الله عنه : قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : { اتقوا الملاعن الثلاث : البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل } [ ص: 113 ] رواه أبو داود وابن ماجه وقال : هو مرسل ) . الحديث أخرجه أيضا الحاكم وصححه ، وصححه أيضا ابن السكن ، قال الحافظ : وفيه نظر ; لأن أبا سعيد لم يسمع من معاذ ولا يعرف بغير هذا الإسناد ، قاله ابن القطان .

                                                                                                                                            وفي الباب عن ابن عباس نحوه رواه أحمد ، وفيه ضعف لأجل ابن لهيعة ، والراوي عن ابن عباس مبهم وعن سعد بن أبي وقاص في علل الدارقطني . وعن أبي هريرة رواه مسلم في صحيحه بلفظ { اتقوا اللاعنين قالوا : وما اللاعنان يا رسول الله قال : الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم } .

                                                                                                                                            وفي رواية لابن حبان ( وأفنيتهم ) وفي رواية ابن الجارود ( أو مجالسهم ) وفي لفظ للحاكم { من سل سخيمته على طريق عامرة من طرق المسلمين فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين } وإسناده ضعيف . قال الحافظ ابن حجر : وفي ابن ماجه عن جابر بإسناد حسن مرفوعا { إياكم والتعريس على جواد الطريق فإنها مأوى الحيات والسباع وقضاء الحاجة عليها فإنها الملاعن } وعن ابن عمر { نهى أن يصلى على قارعة الطريق أو يضرب عليها الخلاء أو يبال فيها } .

                                                                                                                                            وفي إسناده ابن لهيعة . وقال الدارقطني : رفعه غير ثابت . وقال في التقرير : إن أبا سعيد الحميري شامي مجهول . وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن الشعبي مرسلا أنه صلى الله عليه وسلم قال : { اتقوا الملاعن وأعدوا النبل } . ورواه أبو عبيد من وجه آخر عن الشعبي عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن حجر : وإسناده ضعيف ، ورواه ابن أبي حاتم في العلل من حديث سراقة مرفوعا ، وصحح أبوه وقفه . والنبل بضم النون وفتحها : الأحجار الصغار التي يستنجى بها .

                                                                                                                                            والحديث يدل على المنع من قضاء الحاجة في الموارد والظل وقارعة الطريق لما في ذلك من الأذية للمسلمين ، والبراز قد سبق ضبطه في باب الإبعاد والاستتار . والمراد بالموارد : المجاري والطرق إلى الماء ، واحدها مورد . والمراد بقارعة الطريق : أعلاه سمي بذلك ; لأن المارين عليه يقرعونه بنعالهم وأرجلهم قاله ابن رسلان . والمراد بالظل الموضع الذي يستظل به الناس ويتخذونه مقيلا وينزلونه لا كل ظل .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية