الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : الذين جعلوا القرآن عضين هذه صفة المقتسمين . وقيل : هو مبتدأ وخبره لنسألنهم . وواحد العضين عضة ، من عضيت الشيء تعضية أي فرقته ; وكل فرقة عضة . وقال بعضهم : كانت في الأصل عضوة فنقصت الواو ، ولذلك جمعت عضين ; كما قالوا : عزين في جمع عزة ، والأصل عزوة . وكذلك ثبة وثبين . ويرجع المعنى إلى ما ذكرناه في المقتسمين . قال ابن عباس : ( آمنوا ببعض وكفروا ببعض ) . وقيل : فرقوا أقاويلهم فيه فجعلوه كذبا وسحرا وكهانة وشعرا . عضوته أي فرقته . قال الشاعر - هو رؤبة - :

وليس دين الله بالمعضى

أي بالمفرق . ويقال : نقصانه الهاء وأصله عضهة ; لأن العضه والعضين في لغة قريش السحر . وهم يقولون للساحر : عاضه وللساحرة عاضهة . قال الشاعر :


أعوذ بربي من النافثا     ت في عقد العاضه المعضه



وفي الحديث : لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العاضهة والمستعضهة ، وفسر : الساحرة والمستسحرة .

والمعنى : أكثروا البهت على القرآن ونوعوا الكذب فيه ، فقالوا : سحر وأساطير الأولين ، وأنه مفترى ، إلى غير ذلك . ونظير عضة في النقصان شفة ، والأصل شفهة . كما قالوا : سنة ، والأصل سنهة ، فنقصوا الهاء الأصلية وأثبتت هاء العلامة وهي للتأنيث . وقيل : هو من العضه وهي النميمة . والعضيهة البهتان ، وهو أن يعضه الإنسان ويقول ، فيه ما ليس فيه . يقال عضهه عضها رماه بالبهتان . وقد أعضهت أي جئت بالبهتان . قال الكسائي : العضة الكذب والبهتان ، وجمعها عضون ; مثل عزة وعزون ; قال - تعالى - : الذين جعلوا القرآن عضين . ويقال : عضوه أي آمنوا بما أحبوا منه وكفروا بالباقي ، فأحبط كفرهم إيمانهم . وكان الفراء يذهب إلى أنه مأخوذ من العضاة ، وهي شجر الوادي ويخرج كالشوك .

التالي السابق


الخدمات العلمية