الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ( 21 ) ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما ( 22 ) ) .

هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله ; ولهذا أمر الناس بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب ، في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه ، عز وجل ، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين; ولهذا قال تعالى للذين تقلقوا وتضجروا وتزلزلوا واضطربوا في أمرهم يوم الأحزاب : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) أي : هلا اقتديتم به وتأسيتم بشمائله ؟ ولهذا قال : ( لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ) .

ثم قال تعالى مخبرا عن عباده المؤمنين المصدقين بموعود الله لهم ، وجعله العاقبة حاصلة لهم في [ ص: 392 ] الدنيا والآخرة ، فقال : ( ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله ) .

قال ابن عباس وقتادة : يعنون قوله تعالى في " سورة البقرة " ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ) [ البقرة : 214 ] .

أي هذا ما وعدنا الله ورسوله من الابتلاء والاختبار والامتحان الذي يعقبه النصر القريب; ولهذا قال : ( وصدق الله ورسوله ) .

وقوله : ( وما زادهم إلا إيمانا وتسليما ) : دليل على زيادة الإيمان وقوته بالنسبة إلى الناس وأحوالهم ، كما قاله جمهور الأئمة : إنه يزيد وينقص . وقد قررنا ذلك في أول " شرح البخاري " ولله الحمد والمنة .

ومعنى قوله : ( وما زادهم ) أي : ذلك الحال والضيق والشدة [ ما زادهم ] ) إلا إيمانا ) بالله ، ( وتسليما ) أي : انقيادا لأوامره ، وطاعة لرسوله .

التالي السابق


الخدمات العلمية