الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا ( 15 ) )

يقول تعالى مخبرا عن الأعراب الذين تخلفوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الحديبية ، إذ ذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى خيبر يفتتحونها : أنهم يسألون أن يخرجوا معهم إلى المغنم ، وقد تخلفوا عن وقت محاربة الأعداء ومجالدتهم ومصابرتهم ، فأمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - ألا يأذن لهم في ذلك ، معاقبة لهم من جنس ذنبهم . فإن الله تعالى قد وعد أهل الحديبية بمغانم خيبر وحدهم لا يشركهم فيها غيرهم من الأعراب المتخلفين ، فلا يقع غير ذلك شرعا وقدرا ; ولهذا قال : ( يريدون أن يبدلوا كلام الله )

قال مجاهد ، وقتادة ، وجويبر : وهو الوعد الذي وعد به أهل الحديبية . واختاره ابن جرير .

[ ص: 338 ] وقال ابن زيد : هو قوله : ( فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين ) [ التوبة : 83 ] .

وهذا الذي قاله ابن زيد فيه نظر ; لأن هذه الآية التي في " براءة " نزلت في غزوة تبوك ، وهي متأخرة عن غزوة الحديبية .

وقال ابن جريج : ( يريدون أن يبدلوا كلام الله ) يعني : بتثبيطهم المسلمين عن الجهاد .

( قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل ) أي : وعد الله أهل الحديبية قبل سؤالكم الخروج معهم ، ( فسيقولون بل تحسدوننا ) أي : أن نشرككم في المغانم ، ( بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا ) أي : ليس الأمر كما زعموا ، ولكن لا فهم لهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية