الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون ( 46 ) ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ( 47 ) )

يقول تعالى مخاطبا لرسوله صلى الله عليه وسلم : ( وإما نرينك بعض الذي نعدهم ) أي : ننتقم منهم في حياتك لتقر عينك منهم ، ( أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ) أي : مصيرهم ومتقلبهم ، والله شهيد على أفعالهم بعدك .

وقد قال الطبراني : حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثنا عقبة بن مكرم ، حدثنا أبو بكر الحنفي ، حدثنا داود بن الجارود ، عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عرضت علي أمتي البارحة لدى هذه الحجرة ، أولها وآخرها . فقال رجل : يا رسول الله ، عرض عليك من خلق ، فكيف من لم يخلق ؟ فقال : " صوروا لي في الطين ، حتى إني لأعرف بالإنسان منهم من أحدكم بصاحبه " .

ورواه عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، عن عقبة بن مكرم ، عن يونس بن بكير ، عن زياد بن المنذر ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد ، به نحوه .

وقوله : ( ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم ) قال مجاهد : يعني يوم القيامة .

( قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ) كما قال تعالى : ( وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ) [ الزمر : 69 ] ، فكل أمة تعرض على الله بحضرة رسولها ، وكتاب أعمالها من خير وشر موضوع شاهد عليهم ، وحفظتهم من الملائكة شهود أيضا أمة بعد أمة . وهذه الأمة الشريفة وإن كانت آخر الأمم في الخلق ، إلا أنها أول الأمم يوم القيامة يفصل بينهم ، ويقضى لهم ، كما جاء في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " نحن [ ص: 273 ] الآخرون السابقون يوم القيامة ، المقضي لهم قبل الخلائق " فأمته إنما حازت قصب السبق لشرف رسولها ، صلوات الله وسلامه عليه [ دائما ] إلى يوم الدين .

التالي السابق


الخدمات العلمية