الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين ( 87 ) )

يذكر تعالى سبب إنجائه بني إسرائيل من فرعون وقومه ، وكيفية خلاصهم منهم وذلك أن الله تعالى أمر موسى وأخاه هارون ، عليهما السلام ( أن تبوءا ) أي : يتخذا لقومهما بمصر بيوتا .

واختلف المفسرون في معنى قوله تعالى : ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) فقال الثوري وغيره ، عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) قال : أمروا أن يتخذوها مساجد .

وقال الثوري أيضا ، عن ابن منصور ، عن إبراهيم : ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) قال : كانوا خائفين ، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم .

وكذا قال مجاهد ، وأبو مالك ، والربيع بن أنس ، والضحاك ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وأبوه زيد بن أسلم : وكأن هذا - والله أعلم - لما اشتد بهم البلاء من قبل فرعون وقومه ، وضيقوا عليهم ، أمروا بكثرة الصلاة ، كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة ) [ البقرة : 156 ] . وفي الحديث : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى . أخرجه أبو داود . ولهذا قال تعالى في هذه الآية : ( واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين ) أي : بالثواب والنصر القريب .

وقال العوفي ، عن ابن عباس ، في تفسير هذه الآية قال : قالت بنو إسرائيل لموسى ، عليه السلام : لا نستطيع أن نظهر صلاتنا مع الفراعنة ، فأذن الله تعالى لهم أن يصلوا في بيوتهم ، وأمروا أن يجعلوا بيوتهم قبل القبلة . وقال مجاهد : ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) قال : لما خاف بنو إسرائيل من [ ص: 290 ] فرعون أن يقتلوا في الكنائس الجامعة ، أمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة ، يصلون فيها سرا . وكذا قال قتادة ، والضحاك .

وقال سعيد بن جبير : ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) أي : يقابل بعضها بعضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية