الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 57 ] القول في تأويل قوله تعالى ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ( 93 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : ومن يقتل مؤمنا عامدا قتله ، مريدا إتلاف نفسه فجزاؤه جهنم يقول : فثوابه من قتله إياه جهنم يعني : عذاب جهنم خالدا فيها يعني : باقيا فيها و "الهاء" و "الألف" في قوله : فيها من ذكر "جهنم" وغضب الله عليه يقول : وغضب الله عليه بقتله إياه متعمدا ولعنه يقول : وأبعده من رحمته وأخزاه وأعد له عذابا عظيما وذلك ما لا يعلم قدر مبلغه سواه تعالى ذكره .

واختلف أهل التأويل في صفة القتل الذي يستحق صاحبه أن يسمى متعمدا ، بعد إجماع جميعهم على أنه إذا ضرب رجل رجلا بحد حديد يجرح بحده ، أو يبضع ويقطع ، فلم يقلع عنه ضربا به حتى أتلف نفسه ، وهو في حال ضربه إياه به قاصد ضربه : أنه عامد قتله . ثم اختلفوا فيما عدا ذلك . فقال بعضهم : لا عمد إلا ما كان كذلك على الصفة التي وصفنا .

ذكر من قال ذلك :

10174 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن أبي زائدة قال : أخبرنا ابن جريج قال : قال عطاء : "العمد" ، السلاح أو قال : الحديد قال : وقال سعيد بن المسيب : هو السلاح . [ ص: 58 ]

10175 - حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم قالا حدثنا هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم قال : العمد ما كان بحديدة ، وما كان بدون حديدة ، فهو شبه العمد ، لا قود فيه .

10176 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن المغيرة ، عن إبراهيم قال : العمد ما كان بحديدة ، وشبه العمد ما كان بخشبة . وشبه العمد لا يكون إلا في النفس .

10178 - حدثني أحمد بن حماد الدولابي قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن طاوس قال : من قتل في عصبية ، في رمي يكون منهم بحجارة ، أو جلد بالسياط ، أو ضرب بالعصا ، فهو خطأ ، ديته دية الخطأ . ومن قتل عمدا فهو قود يده .

10179 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، ومغيرة ، عن الحارث وأصحابه ، في الرجل يضرب الرجل فيكون مريضا حتى يموت ، قال : أسأل الشهود أنه ضربه ، فلم يزل مريضا من ضربته حتى مات ، فإن كان بسلاح فهو قود ، وإن كان بغير ذلك فهو شبه العمد .

وقال آخرون : كل ما عمد الضارب إتلاف نفس المضروب فهو عمد ، إذا كان الذي ضرب به الأغلب منه أنه يقتل .

ذكر من قال ذلك :

10180 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى ، عن حبان بن أبي جبلة ، عن عبيد بن عمير أنه قال : وأي [ ص: 59 ] عمد هو أعمد من أن يضرب رجلا بعصا ، ثم لا يقلع عنه حتى يموت؟ .

10181 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن أبي هاشم ، عن إبراهيم قال : إذا خنقه بحبل حتى يموت ، أو ضربه بخشبة حتى يموت ، فهو القود .

وعلة من قال : "كل ما عدا الحديد خطأ" ، ما : -

10182 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن جابر ، عن أبي عازب ، عن النعمان بن بشير قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : كل شيء خطأ إلا السيف ، ولكل خطأ أرش [ ص: 60 ]

وعلة من قال : "حكم كل ما قتل المضروب به من شيء ، حكم السيف ، في أن من قتل به قتيل عمد" ، ما : -

10183 - حدثنا به ابن بشار قال : حدثنا أبو الوليد قال : حدثنا همام ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك : أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها بين حجرين ، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقتله بين حجرين .

قالوا : فأقاد النبي صلى الله عليه وسلم من قاتل بحجر ، وذلك غير حديد . قالوا : وكذلك حكم كل من قتل رجلا بشيء الأغلب منه أنه يقتل مثل المقتول به ، نظير حكم اليهودي القاتل الجارية بين الحجرين .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندنا ، قول من قال : كل من ضرب إنسانا بشيء الأغلب منه أنه يتلفه ، فلم يقلع عنه حتى أتلف نفسه به : أنه قاتل عمد ، ما كان المضروب به من شيء ، للذي ذكرنا من الخبر عن [ ص: 61 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأما قوله : فجزاؤه جهنم خالدا فيها فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه . فقال بعضهم معناه : فجزاؤه جهنم إن جازاه .

ذكر من قال ذلك :

10184 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا ابن علية ، عن سليمان التيمي ، عن أبي مجلز في قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " ، قال : هو جزاؤه ، وإن شاء تجاوز عنه .

10185 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله قال : حدثنا شعبة ، عن يسار ، عن أبي صالح : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " ، قال : جزاؤه جهنم إن جازاه .

وقال آخرون : عني بذلك رجل بعينه ، كان أسلم فارتد عن إسلامه ، وقتل رجلا مؤمنا . قالوا : فمعنى الآية : ومن يقتل مؤمنا متعمدا مستحلا قتله ، فجزاؤه جهنم خالدا فيها .

ذكر من قال ذلك :

10186 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عكرمة : أن رجلا من الأنصار قتل أخا مقيس بن صبابة ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الدية فقبلها ، ثم وثب على قاتل أخيه فقتله . قال ابن جريج : وقال غيره : ضرب النبي صلى الله عليه وسلم ديته على بني النجار ، ثم بعث مقيسا ، وبعث معه رجلا من بني فهر في حاجة للنبي صلى الله عليه وسلم ، فاحتمل مقيس الفهري وكان أيدا فضرب به الأرض ، [ ص: 62 ] ورضخ رأسه بين حجرين ، ثم ألفى يتغنى :


ثأرت به فهرا ، وحملت عقله سراة بني النجار أرباب فارع



فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أظنه قد أحدث حدثا! أما والله لئن كان فعل ، لا أومنه في حل ولا حرم ولا سلم ولا حرب
! فقتل يوم الفتح . قال ابن جريج : وفيه نزلت هذه الآية : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا " الآية ، 75

وقال آخرون : معنى ذلك : إلا من تاب .

ذكر من قال ذلك :

10187 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور قال : حدثني سعيد بن جبير أو : حدثني الحكم ، عن سعيد بن جبير قال : سألت ابن عباس عن قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " ، قال : إن الرجل إذا عرف الإسلام وشرائع الإسلام ، ثم قتل مؤمنا متعمدا ، فجزاؤه جهنم ، ولا توبة [ ص: 63 ] له فذكرت ذلك لمجاهد فقال : إلا من ندم .

وقال آخرون : ذلك إيجاب من الله الوعيد لقاتل المؤمن متعمدا ، كائنا من كان القاتل ، على ما وصفه في كتابه ، ولم يجعل له توبة من فعله . قالوا : فكل قاتل مؤمن عمدا ، فله ما أوعده الله من العذاب والخلود في النار ، ولا توبة له . وقالوا : نزلت هذه الآية بعد التي في "سورة الفرقان" .

ذكر من قال ذلك :

10188 - حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير ، عن يحيى الجابر ، عن سالم بن أبي الجعد قال : كنا عند ابن عباس بعد ما كف بصره ، فأتاه رجل فناداه : يا عبد الله بن عباس ، ما ترى في رجل قتل مؤمنا متعمدا؟ فقال : جزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما قال : أفرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى؟ قال ابن عباس : ثكلته أمه! وأنى له التوبة والهدى؟ فوالذي نفسي بيده لقد سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : ثكلته أمه! رجل قتل رجلا متعمدا جاء يوم القيامة آخذا بيمينه أو بشماله ، تشخب أوداجه دما ، في قبل عرش الرحمن ، يلزم قاتله بيده الأخرى يقول : سل هذا فيم قتلني؟ ووالذي نفس عبد الله بيده ، لقد أنزلت هذه الآية ، فما نسختها من آية حتى قبض نبيكم صلى الله عليه وسلم ، وما نزل بعدها من برهان . [ ص: 64 ]

10189 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبو خالد : عن عمرو بن قيس ، عن يحيى بن الحارث التيمي ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ابن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما فقيل له : وإن تاب وآمن وعمل صالحا! فقال : وأنى له التوبة!

10190 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا موسى بن داود قال : حدثنا همام ، عن يحيى ، عن رجل ، عن سالم قال : كنت جالسا مع ابن عباس ، فسأله رجل فقال : أرأيت رجلا قتل مؤمنا متعمدا ، أين منزله؟ قال : جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما قال : أفرأيت إن هو تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى؟ قال : وأنى له الهدى ، ثكلته أمه؟ والذي نفسي بيده لسمعته يقول - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - يجيء يوم القيامة معلقا رأسه بإحدى يديه ، إما بيمينه أو بشماله ، آخذا صاحبه بيده الأخرى ، تشخب أوداجه حيال عرش الرحمن ، يقول : يا رب ، سل عبدك هذا علام قتلني؟ فما جاء نبي بعد نبيكم ، ولا نزل كتاب بعد كتابكم . [ ص: 65 ]

10191 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا قبيصة قال : حدثنا عمار بن رزيق ، عن عمار الدهني ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ابن عباس : بنحوه إلا أنه قال في حديثه : فوالله لقد أنزلت على نبيكم ، ثم ما نسخها شيء ، ولقد سمعته يقول : ويل لقاتل المؤمن ، يجيء يوم القيامة آخذا رأسه بيده ثم ذكر الحديث نحوه .

10192 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير قال : قال لي عبد الرحمن بن أبزى : سئل ابن عباس عن قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " ، فقال : لم ينسخها شيء . وقال في هذه الآية : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما ) [ سورة الفرقان : 68 ] . قال : نزلت في أهل الشرك .

10193 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن سعيد بن جبير قال : أمرني عبد الرحمن بن أبزى أن أسأل ابن عباس عن هاتين الآيتين ، فذكر نحوه .

10194 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا طلق بن غنام ، عن زائدة ، عن منصور قال : حدثني سعيد بن جبير أو : حدثت عن سعيد بن جبير : أن عبد الرحمن بن أبزى أمره أن يسأل ابن عباس عن هاتين الآيتين التي في "النساء" : [ ص: 66 ] " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " إلى آخر الآية والتي في "الفرقان" : ( ومن يفعل ذلك يلق أثاما ) إلى ( ويخلد فيه مهانا ) ، قال ابن عباس : إذا دخل الرجل في الإسلام وعلم شرائعه وأمره ، ثم قتل مؤمنا متعمدا ، فلا توبة له . وأما التي في "الفرقان" ، فإنها لما أنزلت قال المشركون من أهل مكة : فقد عدلنا بالله ، وقتلنا النفس التي حرم الله بغير الحق ، وأتينا الفواحش ، فما ينفعنا الإسلام! قال فنزلت : ( إلا من تاب ) الآية 75

10195 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " ، قال : ما نسخها شيء .

10196 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا شعبة ، عن المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : هي من آخر ما نزلت ، ما نسخها شيء .

10197 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير قال : اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن ، فدخلت إلى ابن عباس فسألته فقال : لقد نزلت في آخر ما أنزل من القرآن ، وما نسخها شيء .

10198 - حدثني المثنى قال : حدثنا آدم العسقلاني قال : حدثنا شعبة قال : حدثنا أبو إياس معاوية بن قرة قال : أخبرني شهر بن حوشب قال : [ ص: 67 ] سمعت ابن عباس يقول : نزلت هذه الآية : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " بعد قوله : ( إلا من تاب وآمن وعمل صالحا ) ، بسنة .

10199 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا سلم بن قتيبة قال : حدثنا شعبة ، عن معاوية بن قرة ، عن ابن عباس قال : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " ، قال : نزلت بعد ( إلا من تاب ) ، بسنة .

10200 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال : حدثنا شعبة قال : حدثنا أبو إياس قال : حدثني من سمع ابن عباس يقول في قاتل المؤمن : نزلت بعد ذلك بسنة . فقلت لأبي إياس : من أخبرك؟ فقال : شهر بن حوشب .

10201 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن أبي حصين ، عن سعيد ، عن ابن عباس في قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا " ، قال : ليس لقاتل توبة ، إلا أن يستغفر الله .

10202 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا " الآية ، قال عطية : وسئل عنها ابن عباس ، فزعم أنها نزلت بعد الآية التي في "سورة الفرقان" بثماني سنين ، وهو قوله : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) إلى قوله : ( غفورا رحيما ) .

10203 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن مطرف عن أبي السفر ، عن ناجية ، عن ابن عباس قال : هما المبهمتان : الشرك والقتل .

10204 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : أكبر الكبائر الإشراك [ ص: 68 ] بالله ، وقتل النفس التي حرم الله ، لأن الله سبحانه يقول : " فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما " .

10205 - حدثني المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : أخبرنا هشيم ، عن بعض أشياخه الكوفيين ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن ابن مسعود في قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " ، قال : إنها لمحكمة ، وما تزداد إلا شدة .

10206 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عثمان بن سعيد قال : حدثني هياج بن بسطام ، عن محمد بن عمرو ، عن موسى بن عقبة ، عن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد ، عن زيد بن ثابت قال : نزلت "سورة النساء" بعد "سورة الفرقان" بستة أشهر .

10207 - حدثنا ابن البرقي قال : حدثنا ابن أبي مريم قال : أخبرنا نافع بن يزيد قال : حدثني أبو صخر ، عن أبي معاوية البجلي ، عن سعيد بن جبير قال : قال ابن عباس : يأتي المقتول يوم القيامة آخذا رأسه بيمينه وأوداجه تشخب دما ، يقول : يا رب ، دمي عند فلان! فيؤخذان فيسندان إلى العرش ، فما أدري ما يقضى بينهما . ثم نزع بهذه الآية : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها " الآية ، 75 قال ابن عباس : والذي نفسي بيده ، ما نسخها الله جل وعز منذ أنزلها على نبيكم عليه السلام .

10208 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا يحيى بن آدم ، عن ابن عيينة ، [ ص: 69 ] عن أبي الزناد قال : سمعت رجلا يحدث خارجة بن زيد بن ثابت ، عن زيد بن ثابت قال : سمعت أباك يقول : نزلت الشديدة بعد الهينة بستة أشهر ، قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا " ، إلى آخر الآية ، بعد قوله : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) إلى آخر الآية ، [ سورة الفرقان ، 68 ] .

10209 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن أبي الزناد قال : سمعت رجلا يحدث خارجة بن زيد قال : سمعت أباك في هذا المكان بمنى يقول : نزلت الشديدة بعد الهينة - قال : أراه - بستة أشهر ، يعني : ومن يقتل مؤمنا متعمدا بعد : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ) [ سورة النساء : 48 ، 116 ] .

10210 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سلمة بن نبيط ، عن الضحاك بن مزاحم قال : ما نسخها شيء منذ نزلت ، وليس له توبة .

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : معناه : ومن يقتل مؤمنا متعمدا ، فجزاؤه إن جزاه جهنم خالدا فيها ، ولكنه يعفو ويتفضل على أهل الإيمان به وبرسوله ، فلا يجازيهم بالخلود فيها ، ولكنه عز ذكره إما أن يعفو بفضله فلا يدخله النار ، وإما أن يدخله إياها ثم يخرجه منها بفضل رحمته ، لما سلف من وعده عباده المؤمنين بقوله : ( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) [ سورة الزمر : 53 ] .

فإن ظن ظان أن القاتل إن وجب أن يكون داخلا في هذه الآية ، فقد يجب أن يكون المشرك داخلا فيه ، لأن الشرك من الذنوب ، فإن الله عز ذكره قد أخبر [ ص: 70 ] أنه غير غافر الشرك لأحد بقوله : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) [ سورة النساء : 48 ، 116 ] ، والقتل دون الشرك .

التالي السابق


الخدمات العلمية