الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم )

قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : " قل " يا محمد ، لهؤلاء المشركين العادلين بربهم الأوثان والأصنام ، والمنكرين عليك إخلاص التوحيد لربك ، الداعين إلى عبادة الآلهة والأوثان : أشيئا غير الله - تعالى ذكره - : " أتخذ وليا " أستنصره وأستعينه على النوائب والحوادث ، كما : -

13110 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " قل أغير الله أتخذ وليا " قال : أما " الولي " فالذي يتولونه ويقرون له بالربوبية .

" فاطر السماوات والأرض " يقول : أشيئا غير الله فاطر السماوات والأرض أتخذ وليا؟ ف " فاطر السماوات " من نعت " الله " وصفته ، ولذلك خفض . [ ص: 283 ]

ويعني بقوله : " فاطر السماوات والأرض " مبتدعهما ومبتدئهما وخالقهما ، كالذي : -

13111 - حدثنا به ابن وكيع قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن سفيان ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد قال : سمعت ابن عباس يقول : كنت لا أدري ما " فاطر السماوات والأرض " حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر ، فقال أحدهما لصاحبه : " أنا فطرتها " يقول : أنا ابتدأتها .

13112 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " فاطر السماوات والأرض " قال : خالق السماوات والأرض .

13113 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " فاطر السماوات والأرض " قال : خالق السماوات والأرض .

يقال من ذلك : " فطرها الله يفطرها ويفطرها فطرا وفطورا " ومنه قوله : هل ترى من فطور [ سورة الملك : 3 ] ، يعني : شقوقا وصدوعا . يقال : " سيف فطار " إذا كثر فيه التشقق ، وهو عيب فيه ، ومنه قول عنترة :


وسيفي كالعقيقة فهو كمعي ، سلاحي ، لا أفل ولا فطارا



[ ص: 284 ]

ومنه يقال : " فطر ناب الجمل " إذا تشقق اللحم فخرج ، ومنه قوله : تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن [ سورة الشورى : 5 ] ، أي : يتشققن ، ويتصدعن .

وأما قوله : " وهو يطعم ولا يطعم " فإنه يعني : وهو يرزق خلقه ولا يرزق ، كما : -

13114 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وهو يطعم ولا يطعم " قال : يرزق ، ولا يرزق .

وقد ذكر عن بعضهم أنه كان يقرأ ذلك : " وهو يطعم ولا يطعم " أي : أنه يطعم خلقه ، ولا يأكل هو ولا معنى لذلك ، لقلة القرأة به .

التالي السابق


الخدمات العلمية