الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها )

قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : وهذا القرآن ، يا محمد " كتاب " .

وهو اسم من أسماء القرآن ، قد بينته وبينت معناه فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته ، ومعناه مكتوب ، فوضع " الكتاب " مكان " المكتوب " .

" أنزلناه " يقول : أوحيناه إليك " مبارك " وهو " مفاعل " من " البركة " " مصدق الذي بين يديه " يقول : صدق هذا الكتاب ما قبله من كتب الله التي أنزلها على أنبيائه قبلك ، لم يخالفها [ دلالة ومعنى ] " نورا وهدى للناس " يقول : هو الذي أنزل إليك ، يا محمد ، هذا الكتاب مباركا ، مصدقا كتاب موسى وعيسى وغير ذلك من كتب الله . ولكنه جل ثناؤه ابتدأ الخبر عنه ، إذ كان قد تقدم [ من ] الخبر عن ذلك ما يدل على أنه [ له ] مواصل ، فقال : " وهذا كتاب أنزلناه إليك مبارك " ومعناه : وكذلك أنزلت إليك كتابي هذا مباركا ، كالذي أنزلت من التوراة إلى موسى هدى ونورا .

وأما قوله : " ولتنذر أم القرى ومن حولها " فإنه يقول : أنزلنا إليك ، يا محمد ، [ ص: 531 ] هذا الكتاب مصدقا ما قبله من الكتب ، ولتنذر به عذاب الله وبأسه من في أم القرى ، وهي مكة " ومن حولها " شرقا وغربا ، من العادلين بربهم غيره من الآلهة والأنداد ، والجاحدين برسله ، وغيرهم من أصناف الكفار .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

13550 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " ولتنذر أم القرى ومن حولها " يعني ب " أم القرى " مكة " ومن حولها " من القرى إلى المشرق والمغرب .

13551 - حدثني محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " ولتنذر أم القرى ومن حولها " و " أم القرى " مكة " ومن حولها " الأرض كلها .

13552 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور قال : حدثنا معمر ، عن قتادة : " ولتنذر أم القرى " قال : هي مكة وبه عن معمر ، عن قتادة قال : بلغني أن الأرض دحيت من مكة .

13553 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " ولتنذر أم القرى ومن حولها " كنا نحدث أن أم القرى مكة ، وكنا نحدث أن منها دحيت الأرض .

13554 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط عن السدي : " ولتنذر أم القرى ومن حولها " أما " أم القرى " فهي مكة ، وإنما سميت " أم القرى " لأنها أول بيت وضع بها . [ ص: 532 ]

وقد بينا فيما مضى العلة التي من أجلها سميت مكة " أم القرى " بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

التالي السابق


الخدمات العلمية