الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ( 109 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وحلف بالله هؤلاء العادلون بالله جهد حلفهم ، وذلك أوكد ما قدروا عليه من الأيمان وأصعبها وأشدها ( لئن جاءتهم [ ص: 38 ] آية ) ، يقول : قالوا : نقسم بالله لئن جاءتنا آية تصدق ما تقول ، يا محمد ، مثل الذي جاء من قبلنا من الأمم ( ليؤمنن بها ) ، يقول : قالوا : لنصدقن بمجيئها بك ، وأنك لله رسول مرسل ، وأن ما جئتنا به حق من عند الله .

وقيل : " ليؤمنن بها " ، فأخرج الخبر عن " الآية " ، والمعنى لمجيء الآية .

يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( قل إنما الآيات عند الله ) ، وهو القادر على إتيانكم بها دون كل أحد من خلقه ( وما يشعركم ) ، يقول : وما يدريكم ( أنها إذا جاءت لا يؤمنون ) ؟

وذكر أن الذين سألوه الآية من قومه ، هم الذين آيس الله نبيه من إيمانهم من مشركي قومه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

13744 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : ( لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها ) ، إلى قوله : ( يجهلون ) ، سألت قريش محمدا أن يأتيهم بآية ، واستحلفهم : ليؤمنن بها .

13745 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح : ( لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها ) ، ثم ذكر مثله .

13746 - حدثنا هناد قال : حدثنا يونس بن بكير قال : حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب القرظي قال : كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا ، فقالوا : [ ص: 39 ] يا محمد ، تخبرنا أن موسى كان معه عصا يضرب بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، وتخبرنا أن عيسى كان يحيي الموتى ، وتخبرنا أن ثمود كانت لهم ناقة ، فأتنا بشيء من الآيات حتى نصدقك ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أي شيء تحبون أن آتيكم به ؟ قالوا : تجعل لنا الصفا ذهبا . فقال لهم : فإن فعلت تصدقوني ؟ قالوا : نعم والله ، لئن فعلت لنتبعنك أجمعين ! فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ، فجاءه جبريل عليه السلام فقال له : لك ما شئت ، إن شئت أصبح ذهبا ، ولئن أرسل آية فلم يصدقوا عند ذلك لنعذبنهم ، وإن شئت فأندحهم حتى يتوب تائبهم . فقال : بل يتوب تائبهم . فأنزل الله تعالى : ( وأقسموا بالله ) إلى قوله : ( يجهلون ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية