الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .

فقال بعضهم : معنى ذلك : ثقلت الساعة على أهل السماوات والأرض أن يعرفوا وقتها ومجيئها ، لخفائها عنهم ، واستئثار الله بعلمها .

ذكر من قال ذلك :

15472 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي ، قوله : ( ثقلت في السماوات والأرض ) ، يقول : خفيت في السماوات والأرض ، فلم يعلم قيامها متى تقوم ملك مقرب ، ولا نبي مرسل .

15473 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور وحدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق جميعا ، عن معمر ، عن بعض أهل التأويل : ( ثقلت في السماوات والأرض ) ، قال : ثقل علمها على أهل السماوات وأهل الأرض ، إنهم لا يعلمون .

وقال آخرون : معنى ذلك : أنها كبرت عند مجيئها على أهل السماوات والأرض . [ ص: 296 ]

ذكر من قال ذلك :

15474 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور وحدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق جميعا ، عن معمر قال : قال الحسن ، في قوله : ( ثقلت في السماوات والأرض ) ، يعني : إذا جاءت ثقلت على أهل السماء وأهل الأرض . يقول : كبرت عليهم .

15475 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج : ( ثقلت في السماوات والأرض ) قال : إذا جاءت انشقت السماء ، وانتثرت النجوم ، وكورت الشمس ، وسيرت الجبال ، وكان ما قال الله; فذلك ثقلها .

15476 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قال : قال بعض الناس في "ثقلت" : عظمت .

وقال آخرون : معنى قوله : ( في السماوات والأرض ) ، : على السماوات والأرض .

ذكر من قال ذلك :

15477 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( ثقلت في السماوات والأرض ) ، أي : على السماوات والأرض .

قال أبو جعفر : وأولى ذلك عندي بالصواب ، قول من قال : معنى ذلك : ثقلت الساعة في السماوات والأرض على أهلها ، أن يعرفوا وقتها وقيامها; لأن الله أخفى ذلك عن خلقه ، فلم يطلع عليه منهم أحدا . وذلك أن الله أخبر بذلك بعد قوله : ( قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ) ، وأخبر بعده أنها لا تأتي إلا بغتة ، فالذي هو أولى : أن يكون ما بين ذلك أيضا خبرا عن خفاء علمها عن [ ص: 297 ] الخلق ، إذ كان ما قبله وما بعده كذلك .

وأما قوله : ( لا تأتيكم إلا بغتة ) ، فإنه يقول : لا تجيء الساعة إلا فجأة ، لا تشعرون بمجيئها ، كما : -

15478 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( لا تأتيكم إلا بغتة ) ، يقول : يبغتهم قيامها ، تأتيهم على غفلة .

15479 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( لا تأتيكم إلا بغتة ) ، قضى الله أنها لا تأتيكم إلا بغتة . قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : إن الساعة تهيج بالناس والرجل يصلح حوضه ، والرجل يسقي ماشيته ، والرجل يقيم سلعته في السوق ، والرجل يخفض ميزانه ويرفعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية