الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون ( 188 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل ، يا محمد ، لسائليك عن الساعة : " أيان مرساها ؟ " ( لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا ) ، [ ص: 302 ] يقول : لا أقدر على اجتلاب نفع إلى نفسي ، ولا دفع ضر يحل بها عنها إلا ما شاء الله أن أملكه من ذلك ، بأن يقويني عليه ويعينني ( ولو كنت أعلم الغيب ) ، يقول : لو كنت أعلم ما هو كائن مما لم يكن بعد ( لاستكثرت من الخير ) ، يقول : لأعددت الكثير من الخير .

ثم اختلف أهل التأويل في معنى " الخير " الذي عناه الله بقوله : ( لاستكثرت من الخير ) . فقال بعضهم : معنى ذلك : لاستكثرت من العمل الصالح .

ذكر من قال ذلك :

15494 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج قال : قال ابن جريج : قوله : ( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا ) قال : الهدى والضلالة ( لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ) قال : " أعلم الغيب " ، متى أموت لاستكثرت من العمل الصالح .

15495 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

15496 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ) ، : قال : لاجتنبت ما يكون من الشر واتقيته .

وقال آخرون : معنى ذلك : " ولو كنت أعلم الغيب " لأعددت للسنة المجدبة من المخصبة ، ولعرفت الغلاء من الرخص ، واستعددت له في الرخص . [ ص: 303 ]

وقوله : ( وما مسني السوء ) ، يقول : وما مسني الضر ( إن أنا إلا نذير وبشير ) ، يقول : ما أنا إلا رسول لله أرسلني إليكم ، أنذر عقابه من عصاه منكم وخالف أمره ، وأبشر بثوابه وكرامته من آمن به وأطاعه منكم .

وقوله : ( لقوم يؤمنون ) ، يقول : يصدقون بأني لله رسول ، ويقرون بحقيقة ما جئتهم به من عنده .

التالي السابق


الخدمات العلمية