الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 174 ] القول في تأويل قوله تعالى ( فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ( 65 ) )

قال أبو جعفر : يعني بقوله : ( فقلنا لهم ) أي : فقلنا للذين اعتدوا في السبت - يعني في يوم السبت .

وأصل " السبت " الهدو والسكون في راحة ودعة ، ولذلك قيل للنائم " مسبوت " لهدوه وسكون جسده واستراحته ، كما قال جل ثناؤه : ( وجعلنا نومكم سباتا ) [ النبأ : 9 ] أي راحة لأجسادكم . وهو مصدر من قول القائل : " سبت فلان يسبت سبتا " .

وقد قيل : إنه سمي " سبتا " ، لأن الله جل ثناؤه فرغ يوم الجمعة - وهو اليوم الذي قبله - من خلق جميع خلقه .

وقوله : ( كونوا قردة خاسئين ) ، أي : صيروا كذلك .

و " الخاسئ " المبعد المطرود ، كما يخسأ الكلب يقال منه : " خسأته أخسؤه خسأ وخسوءا ، وهو يخسأ خسوءا " . قال : ويقال : " خسأته فخسأ وانخسأ " . ومنه قول الراجز :


كالكلب إن قلت له اخسأ انخسأ

يعني : إن طردته انطرد ذليلا صاغرا .

فكذلك معنى قوله : ( كونوا قردة خاسئين ) أي ، مبعدين من الخير أذلاء صغراء ، كما : -

1145 - حدثنا محمد بن بشار ، قال ، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال ، [ ص: 175 ] حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ( كونوا قردة خاسئين ) قال : صاغرين .

1146 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا سفيان ، عن رجل ، عن مجاهد مثله .

1147 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

1148 - حدثني الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة : ( خاسئين ) ، قال : صاغرين .

1149 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : ( كونوا قردة خاسئين ) ، أي أذلة صاغرين .

1150 - وحدثت عن المنجاب قال ، حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : خاسئا ، يعني ذليلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية