الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين ( 52 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هود لقومه : ( ويا قوم استغفروا ربكم ) ، يقول : آمنوا به حتى يغفر لكم ذنوبكم .

والاستغفار : هو الإيمان بالله في هذا الموضع ، لأن هودا صلى الله عليه وسلم إنما دعا قومه إلى توحيد الله ليغفر لهم ذنوبهم ، كما قال نوح لقومه : ( اعبدوا الله واتقوه وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى ) [ سورة نوح : 3 : 4 ]

وقوله : ( ثم توبوا إليه ) ، يقول : ثم توبوا إلى الله من سالف ذنوبكم وعبادتكم غيره بعد الإيمان به ( يرسل السماء عليكم مدرارا ) ، يقول : فإنكم إن آمنتم بالله وتبتم من كفركم به ، أرسل قطر السماء عليكم يدر لكم الغيث في وقت حاجتكم إليه ، وتحيا بلادكم من الجدب والقحط . [ ص: 359 ]

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

18261 - حدثني علي بن داود قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( مدرارا ) ، يقول : يتبع بعضها بعضا .

18262 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : ( يرسل السماء عليكم مدرارا ) قال : يدر ذلك عليهم قطرا ومطرا .

وأما قوله : ( ويزدكم قوة إلى قوتكم ) ، فإن مجاهدا كان يقول في ذلك ما : -

18263 - حدثني به محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( ويزدكم قوة إلى قوتكم ) ، قال : شدة إلى شدتكم

18264 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وإسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد

18265 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ، قال مجاهد ، فذكر مثله .

18266 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : ( ويزدكم قوة إلى قوتكم ) ، قال : جعل لهم قوة ، فلو أنهم أطاعوه زادهم قوة إلى قوتهم . وذكر لنا أنه إنما قيل لهم : ( ويزدكم قوة إلى قوتكم ) ، قال : إنه قد كان انقطع النسل عنهم سنين ، فقال هود لهم : إن آمنتم بالله أحيا الله بلادكم ورزقكم المال والولد ، لأن ذلك من القوة . [ ص: 360 ]

وقوله : ( ولا تتولوا مجرمين ) ، يقول : ولا تدبروا عما أدعوكم إليه من توحيد الله ، والبراءة من الأوثان والأصنام ( مجرمين ) ، يعني : كافرين بالله .

التالي السابق


الخدمات العلمية