الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين [ ص: 118 ] ( 71 ) لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ( 72 ) فأخذتهم الصيحة مشرقين ( 73 ) )

يقول تعالى ذكره : قال لوط لقومه : تزوجوا النساء فأتوهن ، ولا تفعلوا ما قد حرم الله عليكم من إتيان الرجال ، إن كنتم فاعلين ما آمركم به ، ومنتهين إلى أمري .

كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين ) : أمرهم نبي الله لوط أن يتزوجوا النساء ، وأراد أن يقي أضيافه ببناته .

وقوله : ( لعمرك ) يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وحياتك يا محمد ، إن قومك من قريش ( لفي سكرتهم يعمهون ) يقول : لفي ضلالتهم وجهلهم يترددون .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : ثنا مسلم بن إبراهيم ، قال : ثنا سعيد بن زيد ، قال : ثنا عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس ، قال : ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسا أكرم على الله من محمد صلى الله عليه وسلم ، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره ، قال الله تعالى ذكره ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي ، قال : ثنا الحسن بن أبي جعفر ، قال : ثنا عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس ، في قول الله ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) قال : ما حلف الله تعالى بحياة أحد إلا بحياة محمد صلى الله عليه وسلم ، قال : وحياتك يا محمد وعمرك وبقائك في الدنيا ( إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) وهي كلمة من كلام العرب ، لفي سكرتهم : أي في ضلالتهم يعمهون : أي يلعبون .

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، قال : سألت الأعمش ، عن قوله ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) قال : لفي غفلتهم يترددون .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن [ ص: 119 ] قتادة : ( في سكرتهم ) قال : في ضلالتهم يعمهون قال : يلعبون .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، قال : قال مجاهد ( يعمهون ) قال : يترددون .

حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( لعمرك ) يقول : لعيشك ( إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) قال : يتمادون .

حدثني أبو السائب ، قال : ثنا معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : كانوا يكرهون أن يقول الرجل : لعمري ، يرونه كقوله : وحياتي .

وقوله : ( فأخذتهم الصيحة مشرقين ) يقول تعالى ذكره : فأخذتهم صاعقة العذاب ، وهي الصيحة مشرقين : يقول : إذا أشرقوا ، ومعناه : إذا أشرقت الشمس ، ونصب مشرقين ومصبحين على الحال بمعنى : إذا أصبحوا ، وإذا أشرقوا ، يقال منه : صيح بهم ، إذا أهلكوا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ( فأخذتهم الصيحة مشرقين ) قال : حين أشرقت الشمس ذلك مشرقين .

التالي السابق


الخدمات العلمية