الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا ( 52 ) ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا ( 53 ) )

يقول تعالى ذكره : ونادينا موسى من ناحية الجبل ، ويعني بالأيمن : يمين موسى ، لأن الجبل لا يمين له ولا شمال ، وإنما ذلك كما يقال : قام عن يمين القبلة وعن شمالها .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله ( من جانب الطور الأيمن ) قال : جانب الجبل الأيمن . وقد بينا معنى الطور واختلاف المختلفين فيه ، ودللنا على الصواب من القول فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

وقوله ( وقربناه نجيا ) يقول تعالى ذكره : وأدنيناه مناجيا ، كما يقال : فلان نديم فلان ومنادمه ، وجليس فلان ومجالسه . وذكر أن الله جل ثناؤه أدناه ، حتى سمع صريف القلم .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى ، قال : ثنا سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ( وقربناه نجيا ) قال : أدني حتى سمع صريف القلم .

حدثنا محمد بن منصور الطوسي ، قال : ثنا يحيى بن أبي بكر ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، قال : أراه عن مجاهد ، في قوله ( وقربناه نجيا ) قال : بين السماء الرابعة ، أو قال : السابعة ، وبين العرش سبعون ألف حجاب : حجاب نور ، وحجاب ظلمة ، وحجاب نور ، وحجاب ظلمة; فما زال يقرب موسى حتى كان بينه وبينه حجاب ، وسمع صريف القلم ( قال رب أرني أنظر إليك ) . [ ص: 211 ]

حدثنا علي بن سهل ، قال : ثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، قال : قربه منه حتى سمع صريف القلم .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن عطاء ، عن ميسرة ( وقربناه نجيا ) قال : أدني حتى سمع صريف القلم في اللوح ، وقال شعبة : أردفه جبرائيل عليه السلام .

وقال قتادة في ذلك ، ما حدثنا به الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله ( وقربناه نجيا ) قال : نجا بصدقه .

وقوله ( ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون ) يقول : ووهبنا لموسى رحمة منا أخاه هارون ( نبيا ) يقول أيدناه بنبوته ، وأعناه بها .

كما حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن داود ، عن عكرمة ، قال : قال ابن عباس : قوله ( ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا ) قال : كان هارون أكبر من موسى ، ولكن أراد وهب له نبوته .

التالي السابق


الخدمات العلمية