الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( يسبحون الليل والنهار لا يفترون ( 20 ) أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون ( 21 ) )

يقول تعالى ذكره : يسبح هؤلاء الذين عنده من ملائكة ربهم الليل والنهار لا يفترون من تسبيحهم إياه .

كما حدثني يعقوب قال : ثنا ابن علية قال : أخبرنا حميد عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن أبيه أن ابن عباس سأل كعبا عن قوله : ( يسبحون الليل والنهار لا يفترون ) و ( يسبحون الليل والنهار لا يسأمون ) فقال : هل يئودك طرفك ؟ هل يئودك نفسك ؟ قال : لا ، قال : فإنهم ألهموا التسبيح كما ألهمتم الطرف والنفس .

[ ص: 424 ] حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني أبو معاوية عن أبي إسحاق الشيباني عن حسان بن مخارق عن عبد الله بن الحارث قال : قلت : لكعب الأحبار ( يسبحون الليل والنهار لا يفترون ) أما يشغلهم رسالة أو عمل ؟ قال : يا ابن أخي إنهم جعل لهم التسبيح ، كما جعل لكم النفس ، ألست تأكل وتشرب وتقوم وتقعد وتجيء وتذهب وأنت تنفس ؟ قلت : بلى قال : فكذلك جعل لهم التسبيح .

حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن وأبو داود قالا ثنا عمران القطان عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن عمرو البكالي عن عبد الله بن عمر قال : إن الله خلق عشرة أجزاء ، فجعل تسعة أجزاء الملائكة ، وجزءا سائر الخلق ، وجزأ الملائكة عشرة أجزاء ، فجعل تسعة أجزاء يسبحون الليل والنهار لا يفترون ، وجزءا لرسالته ، وجزأ الخلق عشرة أجزاء ، فجعل تسعة أجزاء الجن ، وجزءا سائر بني آدم ، وجزأ بني آدم عشرة أجزاء ، فحمل يأجوج ومأجوج تسعة أجزاء وجزءا سائر بني آدم .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله ( يسبحون الليل والنهار لا يفترون ) يقول : الملائكة الذين هم عند الرحمن لا يستكبرون عن عبادته ، ولا يسأمون فيها .

وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس مع أصحابه ، إذ قال : " تسمعون ما أسمع ؟ قالوا : ما نسمع من شيء يا نبي الله ، قال : إني لأسمع أطيط السماء ، وما تلام أن تئط وليس فيها موضع راحة إلا وفيه ملك ساجد أو قائم " .

وقوله ( أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون ) يقول تعالى ذكره : أتخذ هؤلاء المشركون آلهة من الأرض هم ينشرون؟ : يعني بقوله " هم " الآلهة ، يقول : هذه الآلهة التي اتخذوها تنشر الأموات ، يقول : يحيون الأموات ، وينشرون الخلق ، فإن الله هو الذي يحيي ويميت .

كما حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثني عيسى " ح " وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله ( ينشرون ) يقول : يحيون . [ ص: 425 ] حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون ) يقول : أفي آلهتهم أحد يحيي ذلك ينشرون ، وقرأ قول الله ( قل من يرزقكم من السماء والأرض ) . . . إلى قوله ( فما لكم كيف تحكمون ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية