الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون ( 96 ) وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ( 97 ) وأعوذ بك رب أن يحضرون ( 98 ) )

يقول تعالى ذكره لنبيه : ادفع يا محمد بالخلة التي هي أحسن ، وذلك الإغضاء والصفح عن جهلة المشركين والصبر على أذاهم ، وذلك أمره إياه قبل أمره بحربهم ، [ ص: 68 ] وعنى بالسيئة : أذى المشركين إياه وتكذيبهم له فيما أتاهم به من عند الله ، يقول له تعالى ذكره : اصبر على ما تلقى منهم في ذات الله .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله : ( ادفع بالتي هي أحسن السيئة ) قال : أعرض عن أذاهم إياك .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن عبد الكريم الجزري ، عن مجاهد : ( ادفع بالتي هي أحسن السيئة ) قال : هو السلام ، تسلم عليه إذا لقيته .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عبد الكريم ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا هوذة ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن ، في قوله : ( ادفع بالتي هي أحسن السيئة ) قال : والله لا يصيبها صاحبها حتى يكظم غيظا ، ويصفح عما يكره .

وقوله : ( نحن أعلم بما يصفون ) يقول تعالى ذكره : نحن أعلم بما يصفون الله به ، وينحلونه من الأكاذيب والفرية عليه ، وبما يقولون فيك من السوء ، ونحن مجازوهم على جميع ذلك ، فلا يحزنك ما تسمع منهم من قبيح القول .

وقوله : ( وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وقل يا محمد : رب أستجير بك من خنق الشياطين وهمزاتها ، والهمز : هو الغمز ، ومن ذلك قيل للهمز في الكلام : همزة ، والهمزات جمع همزة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرني ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : ( وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ) قال : همزات الشياطين : خنقهم الناس ، فذلك همزاتهم .

[ ص: 69 ] وقوله : ( وأعوذ بك رب أن يحضرون ) يقول : وقل أستجير بك رب أن يحضرون في أموري .

كالذي حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وأعوذ بك رب أن يحضرون ) في شيء من أمري .

التالي السابق


الخدمات العلمية