الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ( 8 ) والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ( 9 ) )

يعني جل ذكره بقوله : ( ويدرأ عنها العذاب ) : ويدفع عنها الحد .

واختلف أهل العلم في العذاب الذي عناه الله في هذا الموضع أنه يدرؤه عنها شهاداتها الأربع ، فقال بعضهم : بنحو الذي قلنا في ذلك ، من أن الحد جلد مائة إن كانت بكرا ، أو الرجم إن كانت ثيبا قد أحصنت .

وقال آخرون : بل ذلك الحبس ، وقالوا : الذي يجب عليها إن هي لم تشهد الشهادات الأربع بعد شهادات الزوج الأربع ، والتعانه : الحبس دون الحد .

وإنما قلنا : الواجب عليها إذا هي امتنعت من الالتعان بعد التعان الزوج الحد الذي [ ص: 115 ] وصفنا ، قياسا على إجماع الجميع على أن الحد إذا زال عن الزوج بالشهادات الأربع على تصديقه فيما رماها به ، أن الحد عليها واجب ، فجعل الله أيمانه الأربع ، والتعانه في الخامسة مخرجا له من الحد الذي يجب لها برميه إياها ، كما جعل الشهداء الأربعة مخرجا له منه في ذلك وزائلا به عنه الحد ، فكذلك الواجب أن يكون بزوال الحد عنه بذلك واجبا عليها حدها ، كما كان بزواله عنه بالشهود واجبا عليها ، لا فرق بين ذلك ، وقد استقصينا العلل في ذلك في باب اللعان من كتابنا المسمى [ لطيف القول في شرائع الإسلام ] ، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع .

وقوله : ( أن تشهد أربع شهادات بالله ) يقول : ويدفع عنها العذاب أن تحلف بالله أربع أيمان : أن زوجها الذي رماها بما رماها به من الفاحشة ، لمن الكاذبين فيما رماها من الزنا ، وقوله : ( والخامسة أن غضب الله عليها ) . . الآية ، يقول : والشهادة الخامسة : أن غضب الله عليها إن كان زوجها فيما رماها به من الزنا من الصادقين . ورفع قوله : ( والخامسة ) في كلتا الآيتين ، بأن التي تليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية