الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين ( 16 ) )

يقول تعالى ذكره : ( وورث سليمان ) أباه ( داود ) العلم الذي كان آتاه الله في حياته ، والملك الذي كان خصه به على سائر قومه ، فجعله له بعد أبيه داود دون سائر ولد أبيه ( وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير ) يقول : وقال سليمان لقومه : يا أيها الناس علمنا منطق الطير ، يعني فهمنا كلامها ; وجعل ذلك من الطير كمنطق الرجل من بني آدم إذ فهمه عنها .

وقد حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي معشر ، عن محمد بن كعب : ( وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير ) قال : بلغنا أن سليمان كان عسكره مائة فرسخ : خمسة وعشرون منها للإنس ، وخمسة وعشرون للجن ، وخمسة وعشرون للوحش ، وخمسة وعشرون للطير ، وكان له ألف بيت من قوارير على الخشب ; فيها ثلاث مائة صريحة ، وسبع مائة سرية ، فأمر الريح العاصف فرفعته ، وأمر الرخاء [ ص: 438 ] فسيرته ، فأوحى الله إليه وهو يسير بين السماء والأرض : إني قد أردت أنه لا يتكلم أحد من الخلائق بشيء إلا جاءت الريح فأخبرته . وقوله : ( وأوتينا من كل شيء ) يقول : وأعطينا ووهب لنا من كل شيء من الخيرات ( إن هذا لهو الفضل المبين ) يقول : إن هذا الذي أوتينا من الخيرات لهو الفضل على جميع أهل دهرنا المبين ، يقول : الذي يبين لمن تأمله وتدبره أنه فضل أعطيناه على من سوانا من الناس .

التالي السابق


الخدمات العلمية