الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون ( 17 ) )

يقول تعالى ذكره : وجمع لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير في مسير لهم ، فهم يوزعون .

واختلف أهل التأويل في معنى قوله ( فهم يوزعون ) فقال بعضهم : معنى ذلك : فهم يحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس ، قال : جعل على كل صنف من يرد أولاها على أخراها لئلا يتقدموا في المسير ، كما تصنع الملوك .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا أبو سفيان عن معمر ، عن قتادة في قوله : ( وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون ) قال : يرد أولهم على آخرهم .

وقال آخرون : معنى ذلك فهم يساقون .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : ( وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون ) قال : يوزعون : يساقون .

وقال آخرون : بل معناه : فهم يتقدمون .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان عن معمر ، قال : قال الحسن : ( يوزعون ) يتقدمون . [ ص: 439 ]

قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال : معناه : يرد أولهم على آخرهم ; وذلك أن الوازع في كلام العرب هو الكاف ، يقال منه : وزع فلان فلانا عن الظلم : إذا كفه عنه ، كما قال الشاعر :


ألم يزع الهوى إذ لم يؤات بلى وسلوت عن ضلب الفتاة



وقال آخر :


على حين عاتبت المشيب على الصبا     وقلت ألما أصح والشيب وازع



وإنما قيل للذين يدفعون الناس عن الولاة والأمراء : وزعة : لكفهم إياهم عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية