الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ( 41 ) )

يقول - تعالى ذكره - : مثل الذين اتخذوا الآلهة والأوثان من دون الله أولياء يرجون نصرها ونفعها عند حاجتهم إليها في ضعف احتيالهم ، وقبح رواياتهم ، وسوء اختيارهم لأنفسهم ، ( كمثل العنكبوت ) في ضعفها ، وقلة احتيالها لنفسها ، ( اتخذت بيتا ) لنفسها ، كيما يكنها ، فلم يغن عنها شيئا عند حاجتها إليه ، فكذلك هؤلاء المشركون لم يغن عنهم حين نزل بهم أمر الله ، وحل بهم سخطه أولياؤهم الذين اتخذوهم من دون الله شيئا ، ولم يدفعوا عنهم ما أحل الله بهم من سخطه بعبادتهم إياهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا ) إلى آخر الآية ، قال : ذلك مثل ضربه الله لمن عبد غيره ، إن مثله كمثل بيت العنكبوت .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت ) قال : هذا مثل ضربه الله للمشرك مثل إلهه الذي يدعوه من دون الله كمثل بيت العنكبوت واهن ضعيف لا ينفعه .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا ) قال : هذا مثل ضربه الله ، لا يغني أولياؤهم عنهم شيئا ، كما لا يغني العنكبوت بيتها هذا .

وقوله : ( وإن أوهن البيوت ) يقول : إن أضعف البيوت ( لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ) يقول - تعالى ذكره - : لو كان هؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أولياء ، يعلمون [ ص: 39 ] أن أولياءهم الذين اتخذوهم من دون الله في قلة غنائهم عنهم ، كغناء بيت العنكبوت عنها ، لكنهم يجهلون ذلك ، فيحسبون أنهم ينفعونهم ويقربونهم إلى الله زلفى .

التالي السابق


الخدمات العلمية