الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير ( 54 ) ) [ ص: 118 ]

يقول - تعالى ذكره - لهؤلاء المكذبين بالبعث من مشركي قريش ، محتجا عليهم بأنه القادر على ذلك ، وعلى ما يشاء : ( الله الذي خلقكم ) أيها الناس ( من ضعف ) يقول : من نطفة وماء مهين ، فأنشأكم بشرا سويا ، ( ثم جعل من بعد ضعف قوة ) يقول : ثم جعل لكم قوة على التصرف ، من بعد خلقه إياكم من ضعف ، ومن بعد ضعفكم بالصغر والطفولة ، ( ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة ) يقول : ثم أحدث لكم الضعف ، بالهرم والكبر عما كنتم عليه أقوياء في شبابكم ، وشيبة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( الذي خلقكم من ضعف ) أي : من نطفة ( ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا ) : الهرم ( وشيبة ) : الشمط .

وقوله : ( يخلق ما يشاء ) يقول - تعالى ذكره - : يخلق ما يشاء من ضعف وقوة وشباب وشيب ( وهو العليم ) بتدبير خلقه ( القدير ) على ما يشاء ، لا يمتنع عليه شيء أراده ، فكما فعل هذه الأشياء ، فكذلك يميت خلقه ويحييهم إذا شاء . يقول : واعلموا أن الذي فعل هذه الأفعال بقدرته يحيي الموتى إذا شاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية