الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير ( 28 ) )

يقول - تعالى ذكره - : ما خلقكم أيها الناس ولا بعثكم على الله إلا كخلق نفس واحدة وبعثها ، وذلك أن الله لا يتعذر عليه شيء أراده ، ولا يمتنع منه شيء شاءه ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) فسواء خلق واحد وبعثه ، وخلق الجميع وبعثهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال : ثني أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( كنفس واحدة ) يقول : كن فيكون للقليل والكثير .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ) قال : يقول : إنما خلق الله الناس كلهم وبعثهم كخلق نفس واحدة وبعثها ، وإنما صلح أن يقال : إلا كنفس واحدة ، والمعنى : إلا كخلق نفس واحدة ؛ لأن المحذوف فعل يدل عليه قوله : ( ما خلقكم ولا بعثكم ) والعرب تفعل ذلك في المصادر ، ومنه قول الله : ( تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت ) والمعنى : كدوران عين الذي يغشى عليه من الموت ، فلم يذكر الدوران والعين لما وصفت . [ ص: 154 ]

وقوله : ( إن الله سميع بصير ) يقول - تعالى ذكره - : إن الله سميع لما يقول هؤلاء المشركون ويفترونه على ربهم ، من ادعائهم له الشركاء والأنداد وغير ذلك من كلامهم وكلام غيرهم ، بصير بما يعملونه وغيرهم من الأعمال ، وهو مجازيهم على ذلك جزاءهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية