الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد )

يقول - جل ثناؤه - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : ( قل ) يا محمد لمشركي قومك ( إن ربي يقذف بالحق ) وهو الوحي ، يقول : ينزله من السماء ، فيقذفه إلى نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ( علام الغيوب ) يقول : علام ما يغيب عن الأبصار ، ولا مظهر لها ، وما لم يكن مما هو كائن ، وذلك من صفة الرب ، غير أنه رفع لمجيئه بعد الخبر ، وكذلك تفعل العرب إذا وقع النعت بعد الخبر ، في أن أتبعوا النعت إعراب ما في الخبر ، فقالوا : إن أباك يقوم الكريم ، فرفع الكريم على ما وصفت ، والنصب فيه جائز ; لأنه نعت للأب ، فيتبع إعرابه ( قل جاء الحق ) يقول : قل لهم يا محمد : جاء القرآن ووحي الله ( وما يبدئ الباطل ) يقول : وما ينشئ الباطل خلقا ، والباطل هو فيما فسره أهل التأويل : [ ص: 420 ] إبليس ( وما يعيد ) يقول : ولا يعيده حيا بعد فنائه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( إن ربي يقذف بالحق ) : أي بالوحي ( علام الغيوب قل جاء الحق ) أي : القرآن ( وما يبدئ الباطل وما يعيد ) والباطل : إبليس ، أي : ما يخلق إبليس أحدا ولا يبعثه .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب ) فقرأ ( بل نقذف بالحق على الباطل . . . ) إلى قوله ( ولكم الويل مما تصفون ) قال : يزهق الله الباطل ، ويثبت الله الحق الذي دمغ به الباطل ، يدمغ بالحق على الباطل ، فيهلك الباطل ويثبت الحق ، فذلك قوله ( قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية