الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 404 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير ( 56 ) )

يقول - تعالى ذكره - : إن الذين يخاصمونك يا محمد فيما أتيتهم به من عند ربك من الآيات ( بغير سلطان أتاهم ) يقول : بغير حجة جاءتهم من عند الله بمخاصمتك فيها ( إن في صدورهم إلا كبر ) يقول : ما في صدورهم إلا كبر يتكبرون من أجله عن اتباعك ، وقبول الحق الذي أتيتهم به حسدا منهم على الفضل الذي آتاك الله ، والكرامة التي أكرمك بها من النبوة ( ما هم ببالغيه ) يقول : الذي حسدوك عليه أمر ليسوا بمدركيه ولا نائليه ، لأن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، وليس بالأمر الذي يدرك بالأماني؛ وقد قيل : إن معناه : إن في صدورهم إلا عظمة ما هم ببالغي تلك العظمة لأن الله مذلهم .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال . ثني أبو عاصم قال . ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( إن في صدورهم إلا كبر ) قال : عظمة .

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : ( إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم ) قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة . ، قوله . ( إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم ) لم يأتهم بذاك سلطان .

وقوله : ( فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير ) يقول - تعالى ذكره - : فاستجر بالله يا محمد من شر هؤلاء الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان ، ومن الكبر أن يعرض في قلبك منه شيء ( إنه هو السميع البصير ) يقول : إن الله هو السميع لما يقول هؤلاء المجادلون في آيات الله وغيرهم من قول ، البصير بما تعمله [ ص: 405 ] جوارحهم ، لا يخفى عليه شيء من ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية