الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 491 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ( 6 ) )

يقول تعالى ذكره : يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله ( قوا أنفسكم ) يقول : علموا بعضكم بعضا ما تقون به من تعلمونه النار ، وتدفعونها عنه إذا عمل به من طاعة الله ، واعملوا بطاعة الله .

وقوله : ( وأهليكم نارا ) يقول : وعلموا أهليكم من العمل بطاعة الله ما يقون به أنفسهم من النار .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن رجل ، عن علي بن أبي طالب رضى الله عنه في قوله : ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ) قال : علموهم ، وأدبوهم .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن رجل ، عن علي ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) يقول : أدبوهم ، علموهم

حدثني الحسين بن يزيد الطحان ، قال : ثنا سعيد بن خثيم ، عن محمد بن خالد الضبي ، عن الحكم ، عن علي بمثله .

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) يقول : اعملوا بطاعة الله ، واتقوا معاصي الله ، ومروا أهليكم بالذكر ينجيكم الله من النار .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، [ ص: 492 ] عن مجاهد ، في قول الله : ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) قال : اتقوا الله ، وأوصوا أهليكم بتقوى الله .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ) قال : قال : يقيهم أن يأمرهم بطاعة الله ، وينهاهم عن معصيته ، وأن يقوم عليه بأمر الله ، يأمرهم به ويساعدهم عليه ، فإذا رأيت لله معصية ردعتهم عنها ، وزجرتهم عنها .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) قال : مروهم بطاعة الله ، وانهوهم عن معصيته .

وقوله : ( وقودها الناس ) يقول : حطبها الذي يوقد على هذه النار بنو آدم وحجارة الكبريت .

وقوله : ( عليها ملائكة غلاظ شداد ) يقول : على هذه النار ملائكة من ملائكة الله ، غلاظ على أهل النار ، شداد عليهم ( لا يعصون الله ما أمرهم ) يقول : لا يخالفون الله في أمره الذي يأمرهم به ( ويفعلون ما يؤمرون ) يقول : وينتهون إلى ما يأمرهم به ربهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية