الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ( 132 ) وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى ( 133 ) ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى ( 134 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( وأمر أهلك بالصلاة ) أي : قومك . وقيل : من كان على دينك ، كقوله تعالى : " وكان يأمر أهله بالصلاة " ( مريم : 55 ) ، ( واصطبر عليها ) أي اصبر على الصلاة ، فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر .

                                                                                                                                                                                                                                      ( لا نسألك رزقا ) لا نكلفك أن ترزق أحدا من خلقنا ، ولا أن ترزق نفسك وإنما نكلفك عملا ( نحن نرزقك والعاقبة ) الخاتمة الجميلة المحمودة ، ( للتقوى ) أي لأهل التقوى . قال ابن عباس : الذين صدقوك واتبعوك واتقوني .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي بعض المسانيد أن النبي صلى الله عليه وسلم : " كان إذا أصاب أهله ضر أمرهم بالصلاة وتلا هذه الآية . قوله تعالى : ( وقالوا ) يعني المشركين ، ( لولا يأتينا بآية من ربه ) أي : الآية المقترحة فإنه كان قد أتاهم بآيات كثيرة ، ( أولم تأتهم بينة ) قرأ أهل المدينة والبصرة وحفص عن عاصم : " تأتهم " لتأنيث البينة ، وقرأ الآخرون بالياء لتقدم الفعل ، ولأن البينة هي البيان فرد إلى المعنى ، ( بينة ما في الصحف الأولى ) أي : بيان ما فيها ، وهو القرآن أقوى دلالة وأوضح آية .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : أولم يأتهم بيان ما في الصحف الأولى : التوراة ، والإنجيل ، وغيرهما من أنباء الأمم أنهم اقترحوا الآيات ، فلما أتتهم ولم يؤمنوا بها ، كيف عجلنا لهم العذاب والهلاك ، فما يؤمنهم إن أتتهم الآية أن يكون حالهم كحال أولئك . ( ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله ) من قبل إرسال الرسول وإنزال القرآن ، ( لقالوا ربنا لولا ) [ ص: 305 ] هلا ( أرسلت إلينا رسولا ) يدعونا ، أي : لقالوا يوم القيامة ، ( فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى ) بالعذاب ، والذل ، والهوان ، والخزي ، والافتضاح .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية