الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ( 19 ) وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا ( 20 ) عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا ( 21 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ) قال عطاء : يريد في بياض اللؤلؤ وحسنه ، واللؤلؤ إذا نثر من الخيط على البساط كان أحسن منه منظوما . وقال أهل المعاني : إنما شبهوا بالمنثور لانتثارهم في الخدمة ، فلو كانوا صفا لشبهوا بالمنظوم . ( وإذا رأيت ثم ) أي إذا [ رأيت ] ببصرك ونظرت به ثم يعني في الجنة ( رأيت نعيما ) لا يوصف ( وملكا كبيرا ) وهو أن أدناهم منزلة ينظر إلى ملكه في مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه . وقال مقاتل والكلبي : هو أن رسول رب العزة من الملائكة لا يدخل عليه إلا بإذنه . وقيل : ملكا لا زوال له . ( عاليهم ثياب سندس ) قرأ أهل المدينة وحمزة : " عاليهم " ساكنة الياء مكسورة الهاء ، فيكون في موضع رفع بالابتداء ، وخبره : ثياب سندس . وقرأ الآخرون بنصب الياء وضم الهاء على [ الصفة ، أي فوقهم ، وهو نصب على الظرف ] ( ثياب سندس خضر وإستبرق ) قرأ نافع وحفص " خضر وإستبرق " [ مرفوعا ] عطفا على الثياب ، وقرأهما حمزة والكسائي مجرورين ، وقرأ ابن كثير وأبو بكر " خضر " بالجر و " إستبرق " بالرفع ، وقرأ أبو جعفر وأهل البصرة والشام على ضده [ فالرفع على ] [ ص: 298 ] نعت الثياب [ والجر ] على نعت السندس [ وإستبرق بالرفع على أنه معطوف على : وثياب إستبرق فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه كقوله " واسأل القرية " أي : أهل القرية ، ومثله قوله : خز أي ثوب خز ، وأما جر إستبرق فعلى أنه معطوف على سندس وهو جر بإضافة الثياب إليه ، وهما جنسان أضيفت الثياب إليهما كما تقول : ثوب خز وكتان فتضيفه إلى الجنسين ] .

                                                                                                                                                                                                                                      ( وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا ) قيل : طاهرا من الأقذار والأقذاء لم تدنسه الأيدي والأرجل كخمر الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو قلابة وإبراهيم : إنه لا يصير بولا نجسا ولكنه يصير رشحا في أبدانهم ، [ ريحه كريح المسك ] ، وذلك أنهم يؤتون بالطعام ، فإذا كان آخر ذلك أتوا بالشراب الطهور ، فيشربون فيطهر بطونهم ويصير ما أكلوا رشحا يخرج من جلودهم [ ريحا ] أطيب من المسك الأذفر ، وتضمر بطونهم وتعود شهوتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مقاتل : هو عين ماء على باب الجنة من شرب منها نزع الله ما كان في قلبه من غل وغش وحسد .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية