الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        5252 حدثنا محمد بن عبد الرحيم أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن ابن أخي ابن شهاب عن عمه ابن شهاب عن سالم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلوا من الأضاحي ثلاثا وكان عبد الله يأكل بالزيت حين ينفر من منى من أجل لحوم الهدي

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( محمد بن عبد الرحيم ) هو المعروف بصاعقة ، وابن أخي ابن شهاب اسمه محمد بن عبد الله بن مسلم ، وسالم هو ابن عبد الله بن عمر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كلوا من الأضاحي ثلاثا ) أي فقط ، ولمسلم من طريق معمر نهى أن تؤكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث وله من طريق نافع عن ابن عمر لا يأكل أحد من أضحيته فوق ثلاثة أيام .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وكان عبد الله ) أي ابن عمر ( يأكل بالزيت ) سيأتي بيانه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حين ينفر من منى ) هذا هو الصواب ، ووقع في رواية الكشميهني وحده " حتى " بدل " حين " وهو تصحيف يفسد المعنى ، فإن المراد أن ابن عمر كان لا يأكل من لحم الأضحية بعد ثلاث ، فكان إذا انقضت ثلاث منى ائتدم بالزيت ولا يأكل اللحم تمسكا بالأمر المذكور ويدل عليه قوله في آخر الحديث " من أجل لحوم الهدي " ، وكأنه أيضا لم يبلغه الإذن بعد المنع ، وعلى رواية الكشميهني ينعكس الأمر ويصير المعنى . كان يأكل بالزيت إلى أن ينفر ، فإذا نفر أكل بغير الزيت . فيدخل فيه لحم الأضحية . وأما تعبيره في الحديث بالهدي فيحتمل أن يكون ابن عمر كان يسوي بين لحم الهدي ولحم الأضحية في الحكم ، ويحتمل أن يكون أطلق على لحم الأضحية لحم الهدي لمناسبة أنه كان بمنى . وفي هذه الأحاديث من الفوائد غير ما تقدم نسخ الأثقل بالأخف ، لأن النهي عن ادخار لحم الأضحية بعد ثلاث مما يثقل على المضحين ، والإذن في الادخار أخف منه . وفيه رد على من يقول إن النسخ لا يكون إلا بالأثقل للأخف ، وعكسه ابن العربي زاعما أن الإذن في الادخار نسخ بالنهي ، وتعقب بأن الادخار كان مباحا بالبراءة الأصلية ، فالنهي عنه ليس نسخا ، وعلى تقدير أن يكون نسخا ففيه نسخ الكتاب بالسنة لأن في الكتاب الإذن في أكلها من غير تقييد لقوله - تعالى - فكلوا منها وأطعموا ، ويمكن أن يقال إنه تخصيص لا نسخ وهو الأظهر .

                                                                                                                                                                                                        ( خاتمة ) :

                                                                                                                                                                                                        اشتمل كتاب الأضاحي من الأحاديث المرفوعة على أربعة وأربعين حديثا ، المعلق منها خمسة عشر والبقية موصولة ، المكرر منها فيه وفيما مضى تسعة وثلاثون حديثا والخالص خمسة ، وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث قتادة بن النعمان في الباب الأخير ، وسوى زيادة معلقة في حديث أنس وهي قوله " بكبشين سمينين " فإن أصل الحديث عند مسلم سوى قوله " سمينين " . وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم سبعة آثار . والله سبحانه و - تعالى - أعلم .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 33 ]



                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية