الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        545 حدثنا محمود يعني ابن غيلان قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرني ابن جريج قال أخبرني نافع قال حدثنا عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شغل عنها ليلة فأخرها حتى رقدنا في المسجد ثم استيقظنا ثم رقدنا ثم استيقظنا ثم خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال ليس أحد من أهل الأرض ينتظر الصلاة غيركم وكان ابن عمر لا يبالي أقدمها أم أخرها إذا كان لا يخشى أن يغلبه النوم عن وقتها وكان يرقد قبلها قال ابن جريج قلت لعطاء وقال سمعت ابن عباس يقول أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بالعشاء حتى رقد الناس واستيقظوا ورقدوا واستيقظوا فقام عمر بن الخطاب فقال الصلاة قال عطاء قال ابن عباس فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إليه الآن يقطر رأسه ماء واضعا يده على رأسه فقال لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يصلوها هكذا فاستثبت عطاء كيف وضع النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه يده كما أنبأه ابن عباس فبدد لي عطاء بين أصابعه شيئا من تبديد ثم وضع أطراف أصابعه على قرن الرأس ثم ضمها يمرها كذلك على الرأس حتى مست إبهامه طرف الأذن مما يلي الوجه على الصدغ وناحية اللحية لا يقصر ولا يبطش إلا كذلك وقال لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يصلوا هكذا [ ص: 61 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 61 ] قوله : ( حدثنا محمود ) هو ابن غيلان .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( شغل عنها ليلة فأخرها ) هذا التأخير مغاير للتأخير المذكور في حديث جابر وغيره المقيد بتأخير اجتماع المصلين ، وسياقه يشعر بأن ذلك لم يكن من عادته .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حتى رقدنا في المسجد ) استدل به من ذهب إلى أن النوم لا ينقض الوضوء ، ولا دلالة فيه لاحتمال أن يكون الراقد منهم كان قاعدا متمكنا ، أو لاحتمال أن يكون مضطجعا لكنه توضأ وإن لم ينقل ، اكتفاء بما عرف من أنهم لا يصلون على غير وضوء .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وكان ) أي ابن عمر ( يرقد قبلها ) أي قبل صلاة العشاء ، وهو محمول على ما إذا لم يخش أن يغلبه النوم عن وقتها كما صرح به قبل ذلك حيث قال " وكان لا يبالي أقدمها أم أخرها " وروى عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع أن ابن عمر كان ربما رقد عن العشاء الآخرة ويأمر أن يوقظوه ، والمصنف حمل ذلك في الترجمة على ما إذا غلبه النوم ، وهو اللائق بحال ابن عمر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال ابن جريج ) هو بالإسناد الذي قبله - وهو محمود عن عبد الرزاق عن ابن جريج - ووهم من زعم أنه معلق ، وقد أخرجه عبد الرزاق في مصنفه بالإسنادين ، وأخرجه من طريقه الطبراني ، وعنه أبو نعيم في مستخرجه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقام عمر فقال الصلاة ) ، زاد في التمني " رقد النساء والصبيان " وهو مطابق لحديث عائشة الماضي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( واضعا يده على رأسه ) كذا للأكثر ، وللكشميهني " على رأسي " وهو وهم لما ذكر بعده من هيئة عصره - صلى الله عليه وسلم - شعره من الماء ، وكأنه كان اغتسل قبل أن يخرج .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فاستثبت ) هو مقول ابن جريج ، وعطاء هو ابن أبي رباح ، ووهم من زعم أنه ابن يسار .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فبدد ) أي فرق . وقرن الرأس جانبه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ثم ضمها ) كذا له بالضاد المعجمة والميم ، ولمسلم " وصبها " بالمهملة والموحدة ، وصوبه عياض قال : لأنه يصف عصر الماء من الشعر باليد . قلت : ورواية البخاري موجهة ، لأن ضم اليد صفة للعاصر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حتى مست إبهامه ) كذا بالإفراد للكشميهني ، ولغيره " إبهاميه " وهو منصوب بالمفعولية [ ص: 62 ] وفاعله طرف الأذن ، وعلى هذا فهو مرفوع . وعلى الرواية الأولى " طرف " منصوب وفاعله إبهامه وهو مرفوع ، ويؤيد رواية الأكثر رواية حجاج عن ابن جريج عند النسائي وأبي نعيم " حتى مست إبهاماه طرف الأذن " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لا يقصر ولا يبطش ) أي لا يبطئ ولا يستعجل ، ويقصر بالقاف للأكثر ووقع عند الكشميهني " لا يعصر " بالعين ، والأولى أصوب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لأمرتهم أن يصلوها ) كذا بين ذلك في كتاب التمني عند المصنف من رواية سفيان بن عيينة عن ابن جريج وغيره في هذا الحديث وقال " إنه للوقت لولا أن أشق على أمتي " .

                                                                                                                                                                                                        ( فائدة : وقع في الطبراني من طريق طاوس عن ابن عباس في هذا الحديث بمعناه قال : وذهب الناس إلا عثمان بن مظعون في ستة عشر رجلا ، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال ما صلى هذه الصلاة أمة قبلكم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية