الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب خواتيم الذهب

                                                                                                                                                                                                        5525 حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا أشعث بن سليم قال سمعت معاوية بن سويد بن مقرن قال سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما يقول نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن سبع نهانا عن خاتم الذهب أو قال حلقة الذهب وعن الحرير والإستبرق والديباج والميثرة الحمراء والقسي وآنية الفضة وأمرنا بسبع بعيادة المريض واتباع الجنائز وتشميت العاطس ورد السلام وإجابة الداعي وإبرار المقسم ونصر المظلوم

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب المزرر بالذهب ) أي من الثياب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال الليث ) وصله أحمد عن أبي النضر هاشم بن القاسم عن الليث بلفظه ، وللإسماعيلي من رواية كامل بن طلحة " حدثنا الليث " وقد تقدم موصولا قريبا ، وفي الهبة عن قتيبة عن الليث لكن بغير هذا اللفظ .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( إن أباه مخرمة قال : يا بني ) في رواية الكشميهني " قال له " وقد تقدم شرح الحديث قريبا في " باب القباء وفروج من حرير " وقوله " فخرج وعليه قباء من ديباج مزرر بالذهب " هذا يحتمل أن يكون وقع قبل التحريم ، فلما وقع تحريم الحرير والذهب على الرجال لم يبق هذا حجة لمن يبيح شيئا من ذلك ، ويحتمل أن يكون بعد التحريم فيكون أعطاه لينتفع به بأن يكسوه النساء أو ليبيعه كما وقع لغيره ، وبكون معنى قوله " فخرج وعليه قباء " أي على يده فيكون من إطلاق الكل على البعض ، وقد تقدم أنه أراد تطييب قلب مخرمة وأنه كان في خلقه شيء ، وفي قوله لولده في هذه الرواية لما قال له " أدعو لك النبي - صلى الله عليه وسلم - " في معرض الإنكار لقوله " ادعه لي ، فأجابه بقوله : يا بني إنه ليس بجبار " ما يدل على صحة إيمان مخرمة ، وإن كان قد وصف بأنه سيئ الخلق ، وفيه تواضع النبي - صلى الله عليه وسلم - وحسن تلطفه بأصحابه .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 328 ] قوله : ( باب خواتيم الذهب ) جمع خاتم ، ويجمع أيضا على خواتم بلا ياء ، وعلى خياتيم بياء بدل الواو ، وبلا ياء أيضا ، وفي الخاتم ثمان لغات : فتح التاء وكسرها وهما واضحتان ، وبتقديمها على الألف مع كسر الخاء ختام ، وبفتحها وسكون التحتانية وضم المثناة بعدها واو خيتوم ، وبحذف الياء والواو مع سكون المثناة ختم ، وبألف بعد الخاء وأخرى بعد التاء خاتام ، وبزيادة تحتانية بعد المثناة المكسورة خاتيام ، وبحذف الأولى وتقديم التحتانية خيتام ، وقد جمعتها في بيت وهو : خاتام خاتم ختم خاتم وختام خاتيام وخيتوم وخيتام وقبله : خذ نظم عد لغات الخاتم انتظمت ثمانيا ما حواها قبل نظام ثم زدت ثالثا : وهمز مفتوح تاء تاسع وإذا ساغ القياس أتم العشر خاتام أما الأول فذكر أبو البقاء في إعراب الشواذ في الكلام على من قرأ العالمين بالهمز قال : ومثله الخأتم بالهمز ، وأما الثاني فهو على الاحتمال ، واقتصر كثيرون منهم النووي على أربعة ، والحق أن الختم والختام مختص بما يختم به فتكمل الثمان فيه ، وأما ما يتزين به فليس فيه إلا ستة ، وأنشدوا في الخاتيام وهو أغربها : أخذت من سعداك خاتياما لموعد تكتسب الآثاما

                                                                                                                                                                                                        حديث البراء قال " نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن سبع : نهانا عن خاتم الذهب " أو قال " حلقة الذهب " كذا في هذه الطريق من رواية آدم عن شعبة عن أشعث بن سليم وهو ابن الشعثاء " سمعت معاوية بن سويد بن مقرن قال سمعت البراء " فذكره بتقديم النواهي على الأوامر ، وتقدم في أوائل الجنائز عن أبي الوليد عن شعبة بتقديم الأوامر على النواهي ، لكن سقط من النواهي ذكر المياثر وقال فيه " خاتم الذهب " ولم يشك . وأورده في المظالم عن سعيد بن الربيع عن شعبة لكن لم يسق فيه المنهيات جملة ، وأورده في الطب عن حفص بن عمر عن شعبة لكن سقط من النواهي آنية الفضة ، وذكر من الأوامر ثلاثة فقط : اتباع الجنائز وعيادة المريض وإفشاء السلام ، واختصر الباقي . وقال فيه أيضا " خاتم الذهب " وأورده في أواخر الأدب عن سليمان بن حرب عن شعبة كذلك ، لكن لم يذكر القسي ولا آنية الفضة ، وقال بدل الإستبرق السندس . وأخرجه في الأيمان والنذور من طريق غندر عن شعبة مقتصرا على إبرار القسم حسب ، فهذا ما عنده من تغاير السياق في رواية شعبة فقط ، وأما من رواية غيره عن أشعث عنده أيضا فإنه أخرجه في الأشربة فقط من رواية أبي عوانة عن [ ص: 329 ] الأشعث فقدم الأوامر على النواهي وساقه تاما وقال فيه " ونهانا عن خواتيم الذهب " وهكذا أخرجه في الوليمة من طريق أبي الأحوص عن أشعث مثله سواء وهو المطابق للترجمة هنا ، وأخرجه في أوائل الاستئذان من طريق جرير عن أشعث كذلك لكن قال " ونهى عن تختم الذهب " وقد تقدم قريبا في اللباس من رواية سفيان الثوري في آخر " باب القسي " مختصرا جدا " نهانا عن المياثر الحمر وعن القسي " وفي " باب الميثرة الحمراء " من روايته " أمرنا بسبع " فذكر منها العيادة واتباع الجنائز وتشميت العاطس " ونهانا عن سبع " فلم يذكر منها خاتم الذهب ولا آنية الفضة ، فهذه جميع طرق هذا الحديث عنده ، فأما المنهيات فقد شرحت في أماكنها ومعظمها في هذا الكتاب كتاب اللباس ، وتقدم الكلام على آنية الفضة في كتاب الأشربة ، وأما الأوامر فنذكر كل واحدة منها في بابها ، ويأتي بسطها في كتاب الأدب إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية