الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        5609 حدثنا موسى حدثنا عبد الواحد حدثنا عمارة حدثنا أبو زرعة قال دخلت مع أبي هريرة دارا بالمدينة فرأى أعلاها مصورا يصور قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرة ثم دعا بتور من ماء فغسل يديه حتى بلغ إبطه فقلت يا أبا هريرة أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال منتهى الحلية

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عبد الواحد ) هو ابن زياد ، وعمارة هو ابن القعقاع .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا أبو زرعة ) هو ابن عمرو بن جرير .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( دخلت مع أبي هريرة ) جاء عن أبي زرعة المذكور حديث آخر بسند آخر أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم من طريق علي بن مدرك عن عبد الله بن نجي بنون وجيم مصغر عن أبيه عن علي رفعه لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( دارا بالمدينة ) هي لمروان بن الحكم ، وقع ذلك في رواية محمد بن فضيل عن عمارة بن القعقاع عند مسلم من هذا الوجه ، وعند مسلم أيضا والإسماعيلي من طريق جرير عن عمارة " دارا تبنى لسعيد أو لمروان " بالشك ، وسعيد هو ابن العاص بن سعيد الأموي ، وكان هو ومروان بن الحكم يتعاقبان إمرة المدينة لمعاوية ، والرواية الجازمة أولى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( مصورا يصور ) لم أقف على اسمه ، وقوله : " يصور " بصيغة المضارعة للجميع ، وضبطه الكرماني بوجهين أحدهما هذا والآخر بكسر الموحدة وضم الصاد المهملة وفتح الواو ثم راء منونة ، وهو بعيد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي ) هكذا في البخاري ، وقد وقع نحو ذلك في حديث آخر لأبي هريرة تقدم قريبا في " باب ما يذكر في المسك " وفيه حذف بينه ما وقع في رواية جرير المذكورة " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الله - تعالى - : ومن أظلم إلخ ، ونحوه في رواية ابن فضيل ، وقوله : ذهب أي قصد وقوله : كخلقي التشبيه في فعل الصورة وحدها لا من كل الوجوه ، قال ابن بطال : فهم أبو هريرة أن التصوير يتناول ما له ظل وما ليس له ظل ، فلهذا أنكر ما ينقش في الحيطان . قلت : هو ظاهر من عموم اللفظ ، ويحتمل أن يقصر على ما له ظل من جهة قوله : كخلقي فإن خلقه الذي اخترعه ليس صورة في حائط بل هو خلق تام ، لكن بقية الحديث تقتضي تعميم الزجر عن تصوير كل شيء وهي قوله : فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرة وهي بفتح المعجمة وتشديد الراء ، ويجاب عن ذلك بأن المراد إيجاد حبة على الحقيقة لا تصويرها . ووقع لابن فضيل من الزيادة وليخلقوا شعيرة والمراد بالحبة حبة القمح بقرينة ذكر الشعير ، أو الحبة أعم ، والمراد بالذرة النملة ، والغرض تعجيزهم تارة بتكليفهم خلق حيوان وهو أشد وأخرى [ ص: 400 ] بتكليفهم خلق جماد وهو أهون ، ومع ذلك لا قدرة لهم على ذلك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ثم دعا بتور ) أي طلب تورا ، وهو بمثناة إناء كالطست تقدم بيانه في كتاب الطهارة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( من ماء ) أي فيه ماء .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فغسل يديه حتى بلغ إبطه ) في هذه الرواية اختصار وبيانه في رواية جرير بلفظ " فتوضأ أبو هريرة فغسل يده حتى إبطه وغسل رجليه حتى بلغ ركبتيه " أخرجها الإسماعيلي ، وقدم قصة الوضوء على قصة المصور ، ولم يذكر مسلم قصة الوضوء هنا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( منتهى الحلية ) في رواية جرير " إنه منتهى الحلية " كأنه يشير إلى الحديث المتقدم في الطهارة في فصل الغرة والتحجيل في الوضوء ، ويؤيده حديثه الآخر تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء وقد تقدم شرحه ، والبحث في ذلك مستوفى هناك . وليس بين ما دل عليه الخبر من الزجر عن التصوير وبين ما ذكر من وضوء أبي هريرة مناسبة ، وإنما أخبر أبو زرعة بما شاهد وسمع من ذلك .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية