الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        5632 حدثني محمد بن الوليد حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال حدثني عبيد الله بن أبي بكر قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر أو سئل عن الكبائر فقال الشرك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين فقال ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قال قول الزور أو قال شهادة الزور قال شعبة وأكثر ظني أنه قال شهادة الزور

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الثالث قوله : ( عبيد الله بن أبي بكر ) أي ابن أنس بن مالك ، ووقع كذلك في الشهادات من رواية وهب بن جرير وعبد الملك بن إبراهيم عن شعبة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكبائر أو سئل عن الكبائر ) كذا في هذه الرواية بالشك ، وجزم في الرواية التي في الشهادات بالثاني قال : سئل إلخ ، وقع في الديات عن عمر وهو ابن مرزوق عن شعبة عن ابن أبي بكر " سمع أنسا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أكبر الكبائر الإشراك بالله " الحديث وكذا رويناه في " كتاب الإيمان لابن منده " وفي " كتاب القضاة للنقاش " من طريق أبي عامر العقدي عن شعبة وقد علق البخاري في الشهادات طريق أبي عامر ولم يسق لفظه ، وهذا موافق لحديث أبي بكرة في أن المذكورات من أكبر الكبائر لا من الكبائر المطلقة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قال : قول الزور إلخ ) هذا ظاهره أنه خص أكبر الكبائر بقول الزور ; ولكن الرواية التي أشرت إليها قبل تؤذن بأن الأربعة المذكورات مشتركات في ذلك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أو قال شهادة الزور ، قال شعبة وأكثر ظني أنه قال شهادة الزور ) قلت : ووقع الجزم بذلك في رواية وهب بن جرير وعبد الملك بن إبراهيم في الشهادات ، قال قتيبة وشهادة الزور ولم يشك . ولمسلم من رواية خالد بن الحارث عن شعبة وقول الزور ولم يشك أيضا . وفي هذا الحديث والذي قبله استحباب إعادة الموعظة ثلاثا لتفهم ، وانزعاج الواعظ في وعظه ليكون أبلغ في الوعي عنه والزجر عن فعل ما ينهى عنه ، وفيه غلظ أمر شهادة الزور لما يترتب عليها من المفاسد وإن كانت مراتبها متفاوتة ، وقد تقدم بيان شيء من أحكامها في كتاب الشهادات ، وضابط الزور وصف الشيء على خلاف ما هو به ، وقد يضاف إلى القول فيشمل الكذب والباطل ، وقد يضاف إلى الشهادة فيختص بها ، وقد يضاف إلى الفعل ومنه لابس ثوبي زور ومنه تسمية الشعر الموصول زورا كما تقدم في اللباس ، وتقدم بيان الاختلاف في المراد بقوله - تعالى - : والذين لا يشهدون الزور وأن الراجح أن المراد به في الآية الباطل والمراد لا يحضرونه ، وفيه التحريض على مجانبة كبائر الذنوب ليحصل تكفير الصغائر بذلك كما وعد الله عز وجل ، وفيه إشفاق التلميذ على شيخه إذا رآه منزعجا وتمني عدم غضبه لما يترتب على الغضب من تغير مزاجه ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية