الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        576 حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال حدثني سالم بن عبد الله بن عمر وأبو بكر ابن أبي حثمة أن عبد الله بن عمر قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء في آخر حياته فلما سلم قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال أرأيتكم ليلتكم هذه فإن رأس مائة لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض يريد بذلك أنها تخرم ذلك القرن

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وأبو بكر بن أبي حثمة ) نسبة إلى جده ، وهو أبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، وقد تقدم كذلك في " باب السمر بالعلم " من كتاب العلم ، وتقدم الكلام على حديث ابن عمر هناك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فوهل الناس ) أي غلطوا أو توهموا أو فزعوا أو نسوا ، والأول أقرب هنا ، وقيل وهل بالفتح بمعنى وهم بالكسر ووهل بالكسر مثله ، وقيل بالفتح غلط ، وبالكسر فزع .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( في مقالة ) وفي رواية المستملي والكشميهني من مقالة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( إلى ما يتحدثون في هذه ) وفي رواية الكشميهني " من هذه " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن مائة سنة ) لأن بعضهم كان يقول إن الساعة تقوم عند تقضي مائة سنة كما روى ذلك الطبراني وغيره من حديث أبي مسعود البدري ، ورد ذلك عليه علي بن أبي طالب ، وقد بين ابن عمر في هذا الحديث مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن مراده أن عند انقضاء مائة سنة من مقالته تلك ينخرم ذلك القرن فلا يبقى أحد ممن كان موجودا [ ص: 90 ] حال تلك المقالة ، وكذلك وقع بالاستقراء فكان آخر من ضبط أمره ممن كان موجودا حينئذ أبو الطفيل عامر بن واثلة ، وقد أجمع أهل الحديث على أنه كان آخر الصحابة موتا ، وغاية ما قيل فيه إنه بقي إلى سنة عشر ومائة وهي رأس مائة سنة من مقالة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والله أعلم . قال النووي وغيره : احتج البخاري ومن قال بقوله بهذا الحديث على موت الخضر ، والجمهور على خلافه ، وأجابوا عنه بأن الخضر كان حينئذ من ساكني البحر فلم يدخل في الحديث ، قالوا : ومعنى الحديث لا يبقى ممن ترونه أو تعرفونه ، فهو عام أريد به الخصوص . وقيل احترز بالأرض عن الملائكة ، وقالوا : خرج عيسى من ذلك وهو حي لأنه في السماء لا في الأرض ، وخرج إبليس لأنه على الماء أو في الهواء ، وأبعد من قال : إن اللام في الأرض عهدية والمراد أرض المدينة ، والحق أنها للعموم وتتناول جميع بني آدم ، وأما من قال : المراد أمة محمد سواء أمة الإجابة وأمة الدعوة ، وخرج عيسى والخضر لأنهما ليسا من أمته ، فهو قول ضعيف ، لأن عيسى يحكم بشريعته فيكون من أمته ، والقول في الخضر إن كان حيا كالقول في عيسى - صلى الله عليه وسلم - ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية