الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب الدعاء نصف الليل

                                                                                                                                                                                                        5962 حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا مالك عن ابن شهاب عن أبي عبد الله الأغر وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله باب الدعاء نصف الليل أي بيان فضل الدعاء في ذلك الوقت على غيره إلى طلوع الفجر قال ابن بطال : هو وقت شريف خصه الله بالتنزيل فيه فيتفضل على عباده بإجابة دعائهم وإعطاء سؤلهم وغفران ذنوبهم وهو وقت غفلة وخلوة واستغراق في النوم واستلذاذ له ومفارقة اللذة والدعة صعب لا سيما أهل الرفاهية وفي زمن البرد وكذا أهل التعب ولا سيما في قصر الليل فمن آثر القيام لمناجاة ربه والتضرع إليه مع ذلك دل على خلوص نيته وصحة رغبته فيما عند ربه فلذلك نبه الله عباده على الدعاء في هذا الوقت الذي تخلو فيه النفس من خواطر الدنيا وعلقها ليستشعر العبد الجد والإخلاص لربه

                                                                                                                                                                                                        قوله يتنزل ربنا كذا للأكثر هنا بوزن يتفعل مشددا وللنسفي والكشميهني " ينزل " بفتح أوله وسكون ثانيه وكسر الزاي

                                                                                                                                                                                                        قوله حين يبقى ثلث الليل قال ابن بطال : ترجم بنصف الليل وساق في الحديث أن التنزل يقع ثلث الليل لكن المصنف عول على ما في الآية وهي قوله - تعالى - قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه فأخذ الترجمة من دليل القرآن وذكر النصف فيه يدل على تأكيد المحافظة على وقت التنزل قبل دخوله ليأتي وقت الإجابة والعبد مرتقب له مستعد للقائه وقال الكرماني : لفظ الخبر " حين يبقى ثلث الليل " وذلك يقع في النصف الثاني انتهى والذي يظهر لي أن البخاري جرى على عادته فأشار إلى الرواية التي وردت بلفظ النصف فقد أخرجه أحمد عن يزيد بن هارون عن محمد بن عمر ، وعن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ ينزل الله إلى السماء الدنيا نصف الليل الأخير أو ثلث الليل الآخر وأخرجه الدارقطني في كتاب الرؤيا من رواية عبيد الله العمري عن سعيد المقبري عن أبي هريرة نحوه ومن طريق حبيب بن أبي ثابت عن الأغر عن أبي هريرة بلفظ " شطر الليل " من غير تردد وسأستوعب ألفاظه في التوحيد - إن شاء الله تعالى وقال أيضا النزول محال على الله لأن حقيقته الحركة من جهة العلو إلى السفل وقد دلت البراهين القاطعة على تنزيهه على ذلك فليتأول ذلك بأن المراد نزول ملك الرحمة ونحوه أو يفوض مع اعتقاد التنزيه وقد تقدم شرح الحديث في الصلاة في " باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل " من أبواب التهجد ويأتي ما بقي منه في كتاب التوحيد إن شاء الله - تعالى




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية