الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        6170 حدثني الصلت بن محمد حدثنا يزيد بن زريع ونزعنا ما في صدورهم من غل قال حدثنا سعيد عن قتادة عن أبي المتوكل الناجي أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        9765 الحديث الثالث قوله حدثنا الصلت بن محمد ) بفتح الصاد المهملة وسكون اللام بعدها تاء مثناة من فوق وهو الخاركي بخاء معجمة وكاف

                                                                                                                                                                                                        قوله حدثنا بن زريع ونزعنا ما في صدورهم من غل قال حدثنا سعيد ) أي قرأ يزيد هذه الآية وفسرها بالحديث المذكور وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع بهذا السند إلى أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين قال " يخلص المؤمنون " الحديث وظاهره أن تلاوة الآية مرفوع فإن كان محفوظا احتمل أن يكون كل من رواته تلا الآية عند إيراد الحديث فاختصر ذلك في رواية الصلت ممن فوق يزيد بن زريع وقد أخرجه الطبري من رواية عفان عن يزيد بن زريع حدثنا سعيد بن أبي عروبة في هذه الآية فذكرها قال حدثنا قتادة فذكره وكذا أخرجه ابن أبي حاتم من طريق شعيب بن إسحاق عن سعيد ، ورواه عبد الوهاب بن عطاء وروح بن عبادة عن سعيد فلم يذكر الآية أخرجه ابن مردويه وأبو المتوكل الناجي بالنون اسمه علي بن داود ورجال السند كلهم بصريون وصرح قتادة بالتحديث في هذا الحديث في رواية مضت في المظالم وكذا الرواية المعلقة ليونس بن محمد عن شيبان عن قتادة ووصلها ابن منده وكذا أخرجها عبد بن حميد في تفسيره عن يونس بن محمد وكذا في رواية شعيب بن إسحاق عن سعيد ورواية بشر بن خالد وعفان عن يزيد بن زريع .

                                                                                                                                                                                                        قوله إذا خلص المؤمنون من النار أي نجوا من السقوط فيها بعدما جازوا على الصراط ووقع في رواية هشام عن قتادة عند المصنف في المظالم إذا خلص المؤمنون من جسر جهنم وسيأتي في حديث الشفاعة كيفية مرورهم على الصراط قال القرطبي : هؤلاء المؤمنون هم الذين علم الله أن القصاص لا يستنفد حسناتهم قلت ولعل أصحاب الأعراف منهم على القول المرجح آنفا وخرج من هذا صنفان من المؤمنين من دخل الجنة بغير حساب ; ومن أوبقه عمله

                                                                                                                                                                                                        قوله فيحبسون على قنطرة الجنة والنار ) سيأتي أن الصراط جسر موضوع على متن جهنم وأن الجنة وراء ذلك فيمر عليه الناس بحسب أعمالهم فمنهم الناجي وهو من زادت حسناته على سيئاته أو استويا أو تجاوز الله عنه ومنهم الساقط وهو من رجحت سيئاته على حسناته إلا من تجاوز الله عنه فالساقط من الموحدين يعذب ما شاء الله ثم يخرج بالشفاعة وغيرها والناجي قد يكون عليه تبعات وله حسنات توازيها أو تزيد عليها فيؤخذ من حسناته ما يعدل تبعاته فيخلص منها واختلف في القنطرة المذكورة فقيل هي من تتمة الصراط وهي طرفه الذي يلي الجنة وقيل إنهما صراطان وبهذا الثاني جزم القرطبي وسيأتي صفة الصراط في الكلام على الحديث الذي في " باب الصراط جسر جهنم " في أواخر كتاب الرقاق

                                                                                                                                                                                                        قوله فيقتص لبعضهم من بعض بضم أوله على البناء للمجهول للأكثر وفي رواية الكشميهني بفتح أوله فتكون اللام على هذه الرواية زائدة أو الفاعل محذوف وهو الله أو من أقامه في ذلك وفي رواية شيبان " فيقتص بعضهم من بعض .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 407 ] قوله حتى إذا هذبوا ونقوا بضم الهاء وبضم النون وهما بمعنى التمييز والتخليص من التبعات

                                                                                                                                                                                                        قوله أذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفس محمد بيده هذا ظاهره أنه مرفوع كله وكذا في سائر الروايات إلا في رواية عفان عند الطبري فإنه جعل هذا من كلام قتادة فقال بعد قوله : في دخول الجنة " قال وقال قتادة " والذي نفسي بيده لأحدهم أهدى إلخ " وفي رواية شعيب بن إسحاق بعد قوله : في دخول الجنة " قال فوالذي نفسي بيده إلخ فأبهم القائل فعلى رواية عفان يكون هو قتادة وعلى رواية غيره يكون هو النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وزاد محمد بن المنهال عند الإسماعيلي . قال قتادة : كان يقال ما يشبه بهم إلا أهل الجمعة إذا انصرفوا من جمعتهم وهكذا عند عبد الوهاب وروح وفي رواية بشر بن خالد وعفان جميعا عند الطبري قال " وقال بعضهم " فذكره وكذا في رواية شعيب بن إسحاق ويونس بن محمد والقائل " وقال بعضهم " هو قتادة ولم أقف على تسمية القائل

                                                                                                                                                                                                        قوله لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا ) قال الطيبي " أهدى " لا يتعدى بالباء بل باللام أو إلى فكأنه ضمن معنى اللصوق بمنزله هاديا إليه ونحوه قوله - تعالى - يهديهم ربهم بإيمانهم الآية فإن المعنى يهديهم ربهم بإيمانهم إلى طريق الجنة فأقام تجري من تحتهم إلى آخرها بيانا وتفسيرا لأن التمسك بسبب السعادة كالوصول إليها .

                                                                                                                                                                                                        قلت ولأصل الحديث شاهد من مرسل الحسن أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح عنه قال " بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يحبس أهل الجنة بعد ما يجوزون الصراط حتى يؤخذ لبعضهم من بعض ظلاماتهم في الدنيا ويدخلون الجنة وليس في قلوب بعضهم على بعض غل قال القرطبي : وقع في حديث عبد الله بن سلام أن الملائكة تدلهم على طريق الجنة يمينا وشمالا وهو محمول على من لم يحبس بالقنطرة أو على الجميع والمراد أن الملائكة تقول ذلك لهم قبل دخول الجنة فمن دخل كانت معرفته بمنزله فيها كمعرفته بمنزله في الدنيا قلت ويحتمل أن يكون القول بعد الدخول مبالغة في التبشير والتكريم وحديث عبد الله بن سلام المذكور أخرجه عبد الله بن المبارك في الزهد وصححه الحاكم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية