الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب الاستثناء في الأيمان

                                                                                                                                                                                                        6340 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حماد عن غيلان بن جرير عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبي موسى الأشعري قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من الأشعريين أستحمله فقال والله لا أحملكم ما عندي ما أحملكم ثم لبثنا ما شاء الله فأتي بإبل فأمر لنا بثلاثة ذود فلما انطلقنا قال بعضنا لبعض لا يبارك الله لنا أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نستحمله فحلف أن لا يحملنا فحملنا فقال أبو موسى فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له فقال ما أنا حملتكم بل الله حملكم إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير حدثنا أبو النعمان حدثنا حماد وقال إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير أو أتيت الذي هو خير وكفرت

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        " 10003 قوله باب الاستثناء في الأيمان ) وقع في بعض النسخ " اليمين " وعليها شرح ابن بطال والاستثناء استفعال من الثنيا بضم المثلثة وسكون النون بعدها تحتانية ويقال لها الثنوى أيضا بواو بدل الياء مع فتح أوله وهي من ثنيت الشيء إذا عطفته كأن المستثني عطف بعض ما ذكره لأنها في الاصطلاح إخراج بعض ما يتناوله اللفظ وأداتها إلا وأخواتها وتطلق أيضا على التعاليق ومنها التعليق على المشيئة وهو المراد في هذه الترجمة فإذا قال لأفعلن كذا إن شاء الله تعالى استثنى وكذا إذا قال لا أفعل كذا إن شاء الله ومثله في الحكم أن يقول إلا أن يشاء الله أو إلا إن شاء الله ولو أتى بالإرادة والاختيار بدل المشيئة جاز فلو لم يفعل إذا أثبت أو فعل إذا نفى لم يحنث فلو قال إلا إن غير الله نيتي أو بدل أو إلا أن يبدو لي أو يظهر أو إلا أن أشاء أو أريد أو أختار فهو استثناء أيضا لكن يشترط وجود المشروط واتفق العلماء كما حكاه ابن المنذر على أن شرط الحكم بالاستثناء أن يتلفظ بالمستثنى به وأنه لا يكفي القصد إليه بغير لفظ وذكر عياض أن بعض المتأخرين منهم خرج - من قول مالك : إن اليمين تنعقد بالنية - أن الاستثناء يجزئ بالنية لكن نقل في التهذيب أن مالكا نص على اشتراط التلفظ باليمين وأجاب الباجي بالفرق أن اليمين عقد والاستثناء حل والعقد أبلغ من الحل فلا يلتحق باليمين قال ابن المنذر : واختلفوا في وقته فالأكثر على أنه يشترط أن يتصل بالحلف قال مالك : إذا سكت أو قطع كلامه فلا ثنيا وقال الشافعي : يشترط وصل الاستثناء بالكلام الأول ووصله أن يكون نسقا فإن كان بينهما سكوت انقطع إلا إن كانت سكتة تذكر أو تنفس أو عي أو انقطاع صوت وكذا يقطعه الأخذ في كلام آخر . ولخصه ابن الحاجب فقال شرطه الاتصال لفظا أو ما في حكمه كقطعه لتنفس أو سعال ونحوه مما [ ص: 611 ] لا يمنع الاتصال عرفا واختلف هل يقطعه ما يقطعه القبول عن الإيجاب ؟ على وجهين للشافعية أصحهما أنه ينقطع بالكلام اليسير الأجنبي وإن لم ينقطع به الإيجاب والقبول وفي وجه لو تخلل : أستغفر الله لم ينقطع وتوقف فيه النووي ونص الشافعي يؤيده حيث قال تذكر فإنه من صور التذكر عرفا ويلتحق به لا إله إلا الله ونحوها وعن طاوس والحسن له أن يستثني ما دام في المجلس وعن أحمد نحوه وقال ما دام في ذلك الأمر وعن إسحاق مثله وقال إلا أن يقع السكوت وعن قتادة إذا استثنى قبل أن يقوم أو يتكلم وعن عطاء قدر حلب ناقة وعن سعيد بن جبير إلى أربعة أشهر وعن مجاهد بعد سنتين وعن ابن عباس أقوال ، منها : له ولو بعد حين وعنه كقول سعيد وعنه شهر وعنه سنة وعنه أبدا . قال أبو عبيد : وهذا لا يؤخذ على ظاهره ; لأنه يلزم منه أن لا يحنث أحد في يمينه وأن لا تتصور الكفارة التي أوجبها الله - تعالى - على الحالف ، قال ولكن وجه الخبر سقوط الإثم عن الحالف لتركه الاستثناء ; لأنه مأمور به في قوله - تعالى - ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله فقال ابن عباس : إذا نسي أن يقول إن شاء الله يستدركه ولم يرد أن الحالف إذا قال ذلك بعد أن انقضى كلامه أن ما عقده باليمين ينحل وحاصله حمل الاستثناء المنقول عنه على لفظ إن شاء الله فقط وحمل إن شاء الله على التبرك وعلى ذلك حمل الحديث المرفوع الذي أخرجه أبو داود وغيره موصولا ومرسلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال والله لأغزون قريشا ثلاثا ثم سكت ثم قال إن شاء الله " أو على السكوت لتنفس أو نحوه وكذا ما أخرجه ابن إسحاق في سؤال من سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قصة أصحاب الكهف غدا أجيبكم فتأخر الوحي فنزلت ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله فقال إن شاء الله مع أن هذا لم يرد هكذا من وجه ثابت . ومن الأدلة على اشتراط اتصال الاستثناء بالكلام قوله في حديث الباب " فليكفر عن يمينه " فإنه لو كان الاستثناء يفيد بعد قطع الكلام لقال فليستثن ; لأنه أسهل من التكفير وكذا قوله - تعالى - لأيوب وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث فإن قوله استثن أسهل من التحيل لحل اليمين بالضرب وللزم منه بطلان الإقرارات والطلاق والعتق فيستثنى من أقر أو طلق أو أعتق بعد زمان ويرتفع حكم ذلك فالأولى تأويل ما نقل عن ابن عباس وغيره من السلف في ذلك وإذا تقرر ذلك فقد اختلف هل يشترط قصد الاستثناء من أول الكلام أو لا؟ حكى الرافعي فيه وجهين ونقل عن أبي بكر الفارسي أنه نقل الإجماع على اشتراط وقوعه قبل فراغ الكلام وعلله بأن الاستثناء بعد الانفصال ينشأ بعد وقوع الطلاق مثلا وهو واضح ونقله معارض بما نقله ابن حزم أنه لو وقع متصلا به كفى واستدل بحديث ابن عمر رفعه من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث واحتج بأنه عقب الحلف بالاستثناء باللفظ وحينئذ يتحصل ثلاث صور أن يقصد من أوله أو من أثنائه ولو قبل فراغه أو بعد تمامه فيختص نقل الإجماع بأنه لا يفيد في الثالث وأبعد من فهم أنه لا يفيد في الثاني أيضا والمراد بالإجماع المذكور إجماع من قال يشترط الاتصال وإلا فالخلاف ثابت كما تقدم والله أعلم . وقال ابن العربي : قال بعض علمائنا يشترط الاستثناء قبل تمام اليمين قال والذي أقول إنه لو نوى الاستثناء مع اليمين لم يكن يمينا ولا استثناء وإنما حقيقة الاستثناء أن يقع بعد عقد اليمين فيحلها الاستثناء المتصل باليمين واتفقوا على أن من قال لا أفعل كذا إن شاء الله إذا قصد به التبرك فقط ففعل يحنث وإن قصد الاستثناء فلا حنث عليه واختلفوا إذا أطلق أو قدم الاستثناء على الحلف أو أخره هل يفترق الحكم ؟ وقد تقدم في كتاب الطلاق واتفقوا على دخول الاستثناء في كل ما يحلف به إلا الأوزاعي فقال لا يدخل في الطلاق والعتق والمشي إلى بيت الله وكذا جاء عن طاوس وعن مالك مثله وعنه إلا المشي وقال الحسن وقتادة وابن أبي ليلى والليث : يدخل في الجميع إلا الطلاق وعن أحمد يدخل الجميع إلا العتق واحتج بتشوف الشارع له وورد فيه حديث عن معاذ [ ص: 612 ] رفعه إذا قال لامرأته أنت طالق إن شاء الله لم تطلق وإن قال لعبده أنت حر إن شاء الله فإنه حر قال البيهقي : تفرد به حميد بن مالك وهو مجهول واختلف عليه في إسناده واحتج من قال لا يدخل في الطلاق بأنه لا تحله الكفارة وهي أغلظ على الحالف من النطق بالاستثناء فلما لم يحله الأقوى لم يحله الأضعف وقال ابن العربي : الاستثناء أخو الكفارة وقد قال الله - تعالى - ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم فلا يدخل في ذلك إلا اليمين الشرعية وهي الحلف بالله

                                                                                                                                                                                                        10004 قوله : حماد هو ابن زيد ; لأن قتيبة لم يدرك حماد بن سلمة وغيلان بفتح المعجمة وسكون التحتانية

                                                                                                                                                                                                        قوله فأتي بإبل كذا للأكثر ووقع هنا في رواية الأصيلي وكذا لأبي ذر عن السرخسي والمستملي " بشائل " بعد الموحدة شين معجمة وبعد الألف تحتانية مهموزة ثم لام قال ابن بطال : إن صحت فأظنها شوائل كأنه ظن أن لفظ شائل خاص بالمفرد وليس كذلك بل هو اسم جنس وقال ابن التين : جاء هكذا بلفظ الواحد والمراد به الجمع كالسامر وقال صاحب العين ناقة شائلة ونوق شائل التي جف لبنها وشولت الإبل بالتشديد لصقت بطونها بظهورها وقال الخطابي : ناقة شائل قل لبنها وأصله من شال الشيء إذا ارتفع كالميزان والجمع شول كصاحب وصحب وجاء شوائل جمع شائل وفيما نقل من خط الدمياطي الحافظ : الشائل : الناقة التي تشول بذنبها اللقاح وليس لها لبن والجمع شول بالتشديد كراكع وركع وحكى قاسم بن ثابت في " الدلائل " عن الأصمعي : إذا أتى على الناقة من يوم حملها سبعة أشهر جف لبنها فهي شائلة والجمع شول بالتخفيف وإذا شالت بذنبها بعد اللقاح فهي شائل والجمع شول بالتشديد وهذا تحقيق بالغ وأما ما وقع في " المطالع " أن شائل جمع شائلة فليس بجيد

                                                                                                                                                                                                        قوله فأمر لنا أي أمر أنا نعطى ذلك

                                                                                                                                                                                                        قوله بثلاث ذود كذا لأبي ذر ولغيره بثلاثة ذود ، وقيل الصواب الأول لأن الذود مؤنث وقد وقع في رواية أبي السليل عن زهدم كذلك أخرجه البيهقي وأخرجه مسلم بسنده وتوجيه الأخرى أنه ذكر باعتبار لفظ الذود أو أنه يطلق على الذكور والإناث أو الرواية بالتنوين وذود إما بدل فيكون مجرورا أو مستأنف فيكون مرفوعا والذود بفتح المعجمة وسكون الواو بعدها مهملة من الثلاث إلى العشر وقيل إلى السبع ، وقيل من الاثنين إلى التسع من النوق قال في الصحاح لا واحد له من لفظه والكثير أذواد والأكثر على أنه خاص بالإناث وقد يطلق على الذكور أو على أعم من ذلك كما في قوله وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة ويؤخذ من هذا الحديث أيضا أن الذود يطلق على الواحد بخلاف ما أطلق الجوهري وتقدم في المغازي بلفظ " خمس ذود " وقال ابن التين : الله أعلم أيهما يصح . قلت لعل الجمع بينهما يحصل من الرواية التي تقدمت في غزوة تبوك بلفظ " خذ هذين القرينين " فلعل رواية الثلاث باعتبار ثلاثة أزواج ورواية الخمس باعتبار أن أحد الأزواج كان قرينه تبعا فاعتد به تارة ولم يعتد به أخرى ويمكن أن يجمع بأنه أمر لهم بثلاث ذود أولا ، ثم زادهم اثنين فإن لفظ زهدم " ثم أتي بنهب ذود غر الذرى فأعطاني خمس ذود فوقعت في رواية زهدم جملة ما أعطاهم وفي رواية غيلان عن أبي بردة مبدأ ما أمر لهم به ولم يذكر الزيادة وأما رواية " خذ هذين القرينين ثلاث مرار " وقد مضى في المغازي بلفظ أصرح منها وهو قوله " ستة أبعرة " فعلى ما تقدم أن تكون السادسة كانت تبعا ولم تكن ذروتها موصوفة بذلك

                                                                                                                                                                                                        قوله إني والله إن شاء الله قال أبو موسى المديني في كتابه " الثمين في استثناء اليمين " لم يقع قوله : " إن [ ص: 613 ] شاء الله " في أكثر الطرق لحديث أبي موسى وسقط لفظ " والله " من نسخة ابن المنير فاعترض بأنه ليس في حديث أبي موسى يمين وليس كما ظن بل هي ثابتة في الأصول وإنما أراد البخاري بإيراده بيان صيغة الاستثناء بالمشيئة وأشار أبو موسى المديني في الكتاب المذكور إلى أنه - صلى الله عليه وسلم - قالها للتبرك لا للاستثناء وهو خلاف الظاهر

                                                                                                                                                                                                        قوله إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي خير وكفرت كذا وقع لفظ " وكفرت " مكررا في رواية السرخسي .

                                                                                                                                                                                                        قوله حدثنا أبو النعمان هو محمد بن الفضل وحماد أيضا هو ابن زيد

                                                                                                                                                                                                        قوله وقال إلا كفرت يعني ساق الحديث كله بالإسناد المذكور ولكنه قال " كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير أو أتيت الذي هو خير وكفرت " فزاد فيه التردد في تقديم الكفارة وتأخيرها وكذا أخرجه أبو داود عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد بالترديد فيه أيضا ثم ذكر البخاري حديث أبي هريرة في قصة سليمان وفيه " فقال له صاحبه قل إن شاء الله فنسي " وفيه " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو قال إن شاء الله " قال " وقال مرة لو استثنى " وقد استدل به من جوز الاستثناء بعد انفصال اليمين بزمن يسير كما تقدم تفصيله وأجاب القرطبي عن ذلك بأن يمين سليمان طالت كلماتها فيجوز أن يكون قول صاحبه له " قل إن شاء الله " وقع في أثنائه فلا يبقى فيه حجة ولو عقبه بالرواية بالفاء فلا يبقى الاحتمال . وقال ابن التين : ليس الاستثناء في قصة سليمان الذي يرفع حكم اليمين ويحل عقده وإنما هو بمعنى الإقرار لله بالمشيئة والتسليم لحكمه فهو نحو قوله ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله وقال أبو موسى في كتابه المذكور نحو ذلك ثم قال بعد ذلك وإنما أخرج مسلم من رواية عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث كذا قال وليس هو عند مسلم بهذا اللفظ وإنما أخرج قصة سليمان وفي آخره " لو قال إن شاء الله لم يحنث " نعم أخرجه الترمذي والنسائي من هذا الوجه بلفظ " من قال إلخ " قال الترمذي : سألت محمدا عنه فقال هذا خطأ أخطأ فيه عبد الرازق فاختصره من حديث معمر بهذا الإسناد في قصة سليمان بن داود . قلت وقد أخرجه البخاري في كتاب النكاح عن محمود بن غيلان عن عبد الرزاق بتمامه وأشرت إلى ما فيه من فائدة وكذا أخرجه مسلم وقد اعترض ابن العربي بأن ما جاء به عبد الرزاق في هذه الرواية لا يناقض غيرها ; لأن ألفاظ الحديث تختلف باختلاف أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - في التعبير عنها لتبين الأحكام بألفاظ أي فيخاطب كل قوم بما يكون أوصل لأفهامهم وإما بنقل الحديث على المعنى على أحد القولين . وأجاب شيخنا في شرح الترمذي بأن الذي جاء به عبد الرزاق في هذه الرواية ليس وافيا بالمعنى الذي تضمنته الرواية التي اختصره منها فإنه لا يلزم من قوله - صلى الله عليه وسلم - لو قال سليمان إن شاء الله لم يحنث أن يكون الحكم كذلك في حق كل أحد غير سليمان وشرط الرواية بالمعنى عدم التخالف وهنا تخالف بالخصوص والعموم . قلت وإذا كان مخرج الحديث واحدا فالأصل عدم التعدد لكن قد جاء لرواية عبد الرزاق المختصرة شاهد من حديث ابن عمر أخرجه أصحاب السنن الأربعة وحسنه الترمذي وصححه الحاكم من طريق عبد الوارث عن أيوب وهو السختياني عن نافع عن ابن عمر مرفوعا من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه قال الترمذي رواه غير واحد عن نافع موقوفا وكذا رواه سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه ولا نعلم أحدا رفعه غير أيوب . وقال إسماعيل بن إبراهيم : كان أيوب أحيانا [ ص: 614 ] يرفعه وأحيانا لا يرفعه وذكر في " العلل " أنه سأل محمدا عنه فقال أصحاب نافع رووه موقوفا إلا أيوب ويقولون إن أيوب في آخر الأمر وقفه . وأسند البيهقي عن حماد بن زيد قال كان أيوب يرفعه ثم تركه وذكر البيهقي أنه جاء من رواية أيوب بن موسى وكثير بن فرقد وموسى بن عقبة وعبد الله بن العمري المكبر وأبي عمرو بن العلاء وحسان بن عطية كلهم عن نافع مرفوعا انتهى ورواية أيوب بن موسى وأخرجها ابن حبان في صحيحه ورواية كثير أخرجها النسائي والحاكم في مستدركه ورواية موسى بن عقبة أخرجها ابن عدي في ترجمة داود بن عطاء أحد الضعفاء عنه وكذا أخرج رواية أبي عمرو بن العلاء . وأخرج البيهقي رواية حسان بن عطية ورواية العمري وأخرجه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور والبيهقي من طريق مالك وغيره عن نافع موقوفا وكذا أخرج سعيد والبيهقي من طريقه رواية سالم والله أعلم وتعقب بعض الشراح كلام الترمذي في قوله " لم يرفعه غير أيوب " وكذا رواه سالم عن أبيه موقوفا قال شيخنا قلت : قد رواه هو من طريق موسى بن عقبة مرفوعا ولفظه " من حلف على يمين فاستثنى على أثره ثم لم يفعل ما قال لم يحنث " انتهى ولم أر هذا في الترمذي ولا ذكره المزي في ترجمة موسى بن عقبة عن نافع في " الأطراف " وقد جزم جماعة أن سليمان عليه السلام كان قد حلف كما سأبينه والحق أن مراد البخاري من إيراد قصة سليمان في هذا الباب أن يبين أن الاستثناء في اليمين يقع بصيغة " إن شاء الله " فذكر حديث أبي موسى المصرح بذكرها مع اليمين ثم ذكر قصة سليمان لمجيء قوله - صلى الله عليه وسلم - فيها تارة بلفظ " لو قال إن شاء الله " وتارة بلفظ " لو استثنى " فأطلق على لفظ إن شاء الله أنه استثناء فلا يعترض عليه بأنه ليس في قصة سليمان يمين وقال ابن المنير في الحاشية وكأن البخاري يقول إذا استثني من الأخبار فكيف لا يستثنى من الأخبار المؤكد بالقسم وهو أحوج في التفويض إلى المشيئة




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية