الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        6719 حدثنا إسماعيل حدثني مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالإمام الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسئولة عنهم وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسئول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الثاني قوله : حدثنا إسماعيل ) هو ابن أبي أويس .

                                                                                                                                                                                                        قوله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) كذا وقع هنا وكذا في العتق من طريق يحيى القطان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر كذلك ، ووقع عند الطبراني من طريق محمد بن إبراهيم بن دينار عن عبيد الله بن عمر بهذا فقال عن ابن عمر أن أبا لبابة بن عبد المنذر أخبره فذكر حديث النهي عن قتل الجنان التي في البيوت وقال " كلكم راع " الحديث ، هكذا أورده في مسند أبي لبابة ، ولكن تقدم في العتق أيضا من رواية سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " فذكر حديث الباب ، فدل على أن [ ص: 121 ] قوله " وقال " معطوف على ابن عمر لا على أبي لبابة ، وثبت أنه من مسند ابن عمر لا من مرسله .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ألا كلكم راع ) كذا فيه ، و " ألا " بتخفيف اللام حرف افتتاح ، وسقطت من رواية نافع وسالم عن ابن عمر ، والراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما اؤتمن على حفظه فهو مطلوب بالعدل فيه والقيام بمصالحه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : فالإمام الذي على الناس ) أي الإمام الأعظم ، ووقع في رواية عبيد الله بن عمر الماضية في العتق " فالأمير " بدل الإمام " وكذا في رواية موسى بن عقبة في النكاح ، ولم يقل " الذي على الناس " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : راع وهو مسئول عن رعيته ) في رواية سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه الماضية في الجمعة " الإمام راع ومسئول عن رعيته " وكذا في الجميع بحذف " وهو " وهي مقدرة ، وثبتت في الاستقراض .

                                                                                                                                                                                                        قوله : والرجل راع على أهل بيته ) في رواية سالم " في أهل بيته " .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده ) في رواية عبيد الله بن عمر " على بيت بعلها " وفي رواية سالم " في بيت زوجها " ومثله لموسى لكن قال " على " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : وعبد الرجل راع على مال سيده ) في رواية سالم " والخادم راع في مال سيده " وفي رواية عبيد الله " والعبد " بدل " الخادم ، وزاد سالم في روايته " وحسبت أنه قال " وفي رواية الاستقراض " سمعت هؤلاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم قال : والرجل راع في مال أبيه ومسئول عن رعيته " قال الخطابي : اشتركوا أي الإمام والرجل ومن ذكر في التسمية أي في الوصف بالراعي ومعانيهم مختلفة ، فرعاية الإمام الأعظم حياطة الشريعة بإقامة الحدود والعدل في الحكم ، ورعاية الرجل أهله سياسته لأمرهم وإيصالهم حقوقهم ، ورعاية المرأة تدبير أمر البيت والأولاد والخدم والنصيحة للزوج في كل ذلك ، ورعاية الخادم حفظ ما تحت يده والقيام بما يجب عليه من خدمته .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) في رواية أيوب في النكاح مثله ، وفي رواية سالم في الجمعة " وكلكم " وفي الاستقراض " فكلكم " ومثله في رواية نافع . قال الطيبي في هذا الحديث أن الراعي ليس مطلوبا لذاته وإنما أقيم لحفظ ما استرعاه المالك فينبغي أن لا يتصرف إلا بما أذن الشارع فيه وهو تمثيل ليس في الباب ألطف ولا أجمع ولا أبلغ منه ، فإنه أجمل أولا ثم فصل وأتى بحرف التنبيه مكررا ، قال والفاء في قوله " ألا فكلكم " جواب شرط محذوف ، وختم ما يشبه الفذلكة إشارة إلى استيفاء التفصيل . وقال غيره دخل في هذا العموم المنفرد الذي لا زوج له ولا خادم ولا ولد فإنه يصدق عليه أنه راع على جوارحه حتى يعمل المأمورات ويجتنب المنهيات فعلا ونطقا واعتقادا فجوارحه وقواه وحواسه رعيته ، ولا يلزم من الاتصاف بكونه راعيا أن لا يكون مرعيا باعتبار آخر . وجاء في حديث أنس مثل حديث ابن عمر فزاد في آخره فأعدوا للمسألة جوابا ، قالوا : وما جوابها ؟ قال : أعمال البر أخرجه ابن عدي والطبراني في " الأوسط " وسنده حسن ، وله من حديث أبي هريرة ما من راع إلا يسأل يوم القيامة أقام أمر الله أم أضاعه ولابن عدي بسند صحيح عن أنس إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ ذلك أو ضيعه واستدل به على أن المكلف يؤاخذ بالتقصير في أمر من هو في حكمه ، وترجم له في النكاح " باب قوا أنفسكم [ ص: 122 ] وأهليكم نارا " وعلى أن للعبد أن يتصرف في مال سيده بإذنه وكذا المرأة والولد ، وترجم لكراهة التطاول على الرقيق وتقدم توجيهه هناك وفي هذا الحديث بيان كذب الخبر الذي افتراه بعض المتعصبين لبني أمية قرأت في " كتاب القضاء " لأبي علي الكرابيسي أنبأنا الشافعي عن عمه هو محمد بن علي قال دخل ابن شهاب على الوليد بن عبد الملك فسأله عن حديث : إن الله إذا استرعى عبدا الخلافة كتب له الحسنات ولم يكتب له السيئات " فقال له : هذا كذب ، ثم تلا ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض - إلى قوله - بما نسوا يوم الحساب فقال الوليد : إن الناس ليغروننا عن ديننا .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية